التاريخ: 28/03/2015
بسم الله الرحمن الرحيم؛ والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين؛ وعلى الرسل أجمعين. فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس القمة؛ خادم الحرمين الشريفين، أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والدولة والمعالي؛ معالي د. نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية؛ الإخوة والأخوات؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إن منظمةَ التعاونِ الإسلامي، التي أتشرفُ بأن أَمثُلَ أمامكم باسمها، تنظرُ للقممِ العربيةِ بكثيرٍ من الترقبِ، وتعلقُ عليها كبارَ الآمال. ففي وحدةِ العالمِ العربي، وتماسكهِ قوةً للأمة الإسلامية على امتداد أرجائها؛ كما أن منظمة التعاونِ الإسلامي بأعضائها السبع والخمسين هي العمقُ الإستراتيجي للعالمِ العربي أياً كانت أقطارهُ. هذا النسيج والتكامل والتداخل يتجلى في التحدياتِ المشتركة؛ كما يظهر أيضاً في الآفاقِ الرحبة التى تمتد واعدةً أمامنا. ولعل التفتت المذهبي، وخطابَ التطرف من أهم تلك التحديات. ولا يُعقل أن الأمةَ التى بُعث فيها رسولُ الإنسانية، برسالةِ الهدى والرحمةِ والعدلِ والمساواةِ وإعمار الكون، صلى الله عليه وسلم، أن تقودَ رسالتها للتمزقِ والإقتتال؛ ولا يُعقل أن تكون خاتمةُ الرسالاتِ السماويةِ التى لا يكتملُ إيمانُ أهلها إلا بإيمانهم بكل الرسلِ والرسالات، مَدْعاة للشقاقِ والتصنيفِ والفُرقةِ والتناحرِ. لذا إن أردنا أن نبحثَ عن جذورٍ للإقتتال المذهبي، فلن نجدها إلا عند من يرى في المذهب أداةً لفرض النفوذ، ووسيلةً لبسطِ السيطرة، وطريقاً للتوسع والهيمنة؛ وآن لنا أن نُفصح عن هؤلاء ونتصدى لهم. أما خطابُ التطرف فهو نِتَاج سياقهِ السياسي، وتربتهِ المجتمعية، وبيئتهِ الإقتصادية، ونكوصه التام عن الإسلام عقيدةً وشريعةً ومقاصدا، واختراقه من خارجه لخدمةِ أجنداتٍ سياسيةٍ تُفرق لتسود، وتُضعف لتبقى. وفهمُ ذلك كله هو المدخل لتفكيك خطابِ التطرف ومواجهتهِ ودحرهِ. القادة الأجلاء: إن منظمةَ التعاونِ الإسلامي حاضرةَ، بجانب إخواننا في فلسطين المحتلة وهم يواجهون احتلالَ نظامٍ عنصري "أبرتايد". والعملُ يجري لعقدِ قمة إسلامية استثنائية حول فلسطين وما يَحيقُ بأهلنا هناك، وما يتعرضُ له المسجد الأقصى من امتهان؛ والطريق المسدودِ الذي وصلت إليه مسيرةُ أكثر من عشرين سنةٍ من المفاوضات؛ وحول العودةِ للتفاوض على أساسِ مبادرةِ السلام العربية، والمطلب الفلسطيني بأجندةٍ محددةٍ في إطار زمني محدد؛ وأيضاً للخروجِ من رِبقة الوسيطِ الوحيد، الذي يكاد يكونُ طرفاً لا وسيطاً، إلى وساطةٍ أوسع، تمثلُها اللجنةُ الرباعيةُ بقيادةٍ جديدة. كما أن المنظمة تتحرك جادةً ومؤثرة في مواجهة القضايا الماثلةِ في الصومال، والساحل الأفريقي، وشمال مالي، وجمهورية وسط أفريقيا. كما تعمل بدأب من أجل حقوق إخوة لنا في ميانمار، وكشمير، ونجورنو كاراباخ بأذربيجان. وتدعم دورَ الجامعةِ العربية في سوريا وليبيا؛ وتدفعُ نحو وحدةِ الصف في العراق وأفغانستان، وتعلن بوضوحٍ تأييدَها ودعمَها للخطوة التي اتخذتها الدولُ الداعمةُ للشرعيةِ الدستوريةِ في اليمن. القادة الأجلاء، وكما تنشطُ منظمةُ التعاونِ الإسلامي في مواجهة الأزماتِ، بتحليلِها وفهمِها وتفكيكِها والتصدي لها، فنحن نعمل أيضاً، في مجالاتِ النشاطِ الإقتصادي، والتعليم، والحراكِ الثقافي، والتكاملِ العلمي والتقني، وتمكينِ المرأة، والإلتفاتِ للشباب، والوقوف بجوارِ الفئات المهمشة، والإنفتاح على المجتمع المدني، على أسس استراتيجية متينة تبث روحَ الأملِ، وتُرسي الثقةَ في مستقبلٍ واعد بمشيئة الله، نشارك فيه بقيةَ الأممِ، بندية وقدرةٍ وثقةٍ، في صنع مستقبلٍ العالم، باقتصادهِ وتقنياتهِ وانتاجيتهِ، وتحقيق احتمالاتِ التقدمِ والابتكارِ في علومهِ ونظرياته. إن العالمَ العربي والأمةَ الإسلامية، بثقافتِها وحضارتِها، وثراءِ تنوعِها، وتاريخِ التمازجِ والتسامحِ والإنفتاحِ طوالَ مسيرتِها، وفتوةِ شعوبِها، قادرةٌ بإذن الله، أن تَنهضَ وتَبني وتُشيِّدُ وتُشاركُ، لا لتعيش فقط، بل لتحيا، ولا لتحيا فقط، بل لتشكل نموذجاً حضارياً، وخطاباً حقوقياً، وفعلاً ثقافياً، وواقعاً اجتماعياً يضيفُ بدفعة وحيوية لمسيرةِ الإنسانيةِ ومستقبلها. القادة الأجلاء: بقيادتِكم، وبصيرتِكم، ووحدةِ صفِكم، وصلابةِ مواقِفِكم، لن نكون بحاجةٍ لأن نتسول مستقبلَنا من أحد؛ بل نصنُعه بأنفسنا، سائرين في مناكبِ الأرض عبادةً وعملاً وإنتاجاً واعماراً بعونٍ منه سبحانه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.