التاريخ: 25/03/2014
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعل الرسل أجمعين صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، ورئيس مجلس القمة العربية في دورتها الخامسة والعشرين أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والدولة والمعالي رؤساء الوفود، معالي أمين عام الجامعة العربية الأخ الدكتور نبيل العربي الأخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كم هو إعتزازي أن أقف أمامكم في هذه القمة العربية متحدثا باسم منظمة التعاون الإسلامي، المنظمة التي تشكل الدول الأعضاء في الجامعة العربية، مجموعتها العربية؛ وأن أشيد بالعلاقة الوثيقة من التعاون والتشاور ومواجهة القضايا والتحديات المشتركة التي تربط بين المنظمتين. ولأؤكد على حرص المنظمة على المزيد من التنسيق مع الجامعة. فكلما كان العالم العربي والجامعة العربية والدول الأعضاء بها في حال ترابط ووحدة صف وقوة، كان ذلك عونا ودفعا لمنظمة التعاون الإسلامي؛ على تحقيق أهدافها المرجوة. وكلما كان الاختلاف والخلاف سائدا، كان ذلك بدوره وهنا وضعفا للمنظمة. والقضايا التي تجمع المنظمتين هي قضايا محورية في أعمال منظمة التعاون الإسلامي، وفي مقدمة تلك القضايا، المسجد الأقصى والقدس الشريف وفلسطين. فالذود عن المسجد الأقصى كان القضية الكبرى التي انطلقت منها منظمة التعاون الإسلامي، التي سميت حينها منظمة المؤتمر الإسلامي. القادة الأجلاء ، يتعرض المسجد الأقصى، والقمة العربية تجتمع اليوم في الكويت، لواحدة من أعنف الهجمات على قدسيته، وبنائه، وحرية العبادة فيه، وتتوالى الانتهاكات الإسرائيلية المنهجية لتهويد القدس والتضييق المجحف الخانق على المقدسيين، وتبذل إسرائيل أموالا طائلة في سبيل ذلك؛ فقد خصصت مبلغ 15 مليار دولار لتهويد القدس وبناء المستوطنات فيها، وتغيير وطمس هويتها الفلسطينية والعربية والإسلامية. ولا أظنني بحاجة، وأنا أمثل أمامكم، أن أذكر قضايا العالم العربي الأخرى والنزاعات التي تنشب في بعض أجزائه، والتي هي أيضا جزء من قضايا وهموم الأمة الإسلامية، وفي قلب ملفات منظمة التعاون الإسلامي؛ إلا أن المنظمة ترى أن الخطر الداهم والتحديات الكبرى التي نواجهها جميعا تتمثل أولاًً في الشقاق والاقتتال المذهبي الذي نراه ينمو ويتسع بين ظهرانينا، وهو اقتتال لا فائز فيه، بل سيجلب المخاطر على الجميع. وقد تبنت القمة الإسلامية الإستثنائية التي عقدت في مكة المكرمة عام 2012 مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لإنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية لتصل إلى كلمة سواء، وتعمل المنظمة جاهدة ليرى المركز النور في المستقبل القريب وليصبح طريقا لرتق عذا الفتق يإذن الله. كما تتمثل الظلمة التي تحدق بنا في الأصوات والجماعات المتطرفة التي اختطفت الإسلام وأعطت لنفسها حق التحدث باسم الإسلام، والإسلام بمنظومة قيمه ومقاصده وما يدعو له من عدل ومساواة، واتفاق وتعايش وإعمار، براء منها ومما تدعو إليه. ومن التحديات التي تلوح أمامنا جميعا، عربا ومسلمين، تحدي الوصول إلى مقاربة تعايش جديدة، تأخذ في الاعتبار المصالح الوطنية المشروعة للدول، وتؤسس في ذات الوقت وفاقا إقليميا وتعايشا وتعظيما للمنافع والمصالح المشتركة بدلا عن الصراع والاقتتال. وقد تكون الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي المنظمتان الأكثر قدرة على توفير القنوات والمنصات التي تعين على تدبر والنظر في مقاربة مثل هذه والبحث عن بدائلها. أما تحدي الهوية فإنه لا يقل عن التحديات السابقة، فالدول العربية والإسلامية شأنها في ذلك شأن دول العالم كافة، تجتهد للحفاظ على كيانها وسيادتها وهويتها إزاء تحولات عالمية كبرى لا يمكن لدولة مواجهتها وحدها دون الإرتكاز إلى دول أخرى يجمعها بها تقارب المصلحة، إن لم يكن تقارب الهوية والمصير، والموروث السياسي والثقافي الواحد. ومن ثم ينبغي أن نتساءل عن ماهية التيارات التي تتفاعل في بنيتنا المجتمعية، وعن ماهية الحراك الفكري والتوجه الاجتماعي والثقافي المنشود، والقادر على أن يصل بنا إلى نموذج أصيل ومستقل ومتجدد في عالم طغت عليه العولمة باقتصادٍ، وثقافةٍ، ونماذج حياةٍ، ومعايير تقدم. القادة الأجلاء، إن الجامعة العربية هي المنظمة الأعرق، فهي أولى المنظمات الإقليمية في العالم، وجاءت محمولة على موجة من طموح الشعوب العربية في بناء تعاون عربي تتراكم إنجازاته عبر السنوات بحيث تكون الدول العربية تكتلا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا متماسكا قويا يحيافي إطاره المواطن العربي عزيزاً مكيناً في كرامة نفس وكفاية عيش. ولا شك أن مؤتمر القمة، وفي دولة الكويت، سيمثل، بإذن الله، خطوة ملموسة ومؤثرة لإستعادة ذلك الدرب والسير قدماً عليه. وفقكم الله قادتنا الأجلاء لكل ما يحبه ويرضاه، وحقق في مداولاتكم آمال وتطلعات كل تلك الأعين التي ترقب، والأفئدة التي تهوى، والأعناق التي تشرئب إليكم وانتم في الكويت، هذه العاصمة العربية الأصيلة والرائدة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.