التاريخ: 14/11/2012
توجه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلى، للأمة الإسلامية بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1434هـ بالكلمة التالية: تحتفل أمتنا الإسلامية بذكرى بدء عام ألف وأربعمائة وأربعة وثلاثين للهجرة النبوية الشريفة، ويُسعدني بهذه المناسبة أن أتوجه إلى كل المسلمين بأخلص عبارات التهنئة والمباركة، داعياً الله جلت قدرته أن يجعل هذا العام الجديد عام خير وسلم وازدهار للبشرية جمعاء. لقد كانت الهجرة النبوية الشريفة أول خطوة عملية لبناء كيان هذا الدين وحضارته، وكانت صحيفة المدينة التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم لسكان المدينة المنورة بمثابة دستور للتعايش السلمي والتعاون بين البشر في ما يخدم مصالح الجميع مهما كان اختلاف انتماءاتهم الدينية والثقافية. كما ضرب المسلمون على امتداد تاريخهم أمثلة عملية للتعايش مع الآخرين في كنف الإخاء والمودة والتسامح في المشرق والمغرب والأندلس وحيثما أشرقت شمس هذه الحضارة. ونحن نؤمن بأنه عندما تُستلهَم هذه القيم والمعاني الإنسانية فستختفي كثير من أنشطة التحريض على الكراهية، والممارسات العنصرية والتمييزية بين بني البشر بسبب الاختلاف الثقافي أو الديني أو العرقي. ومع بدء هذا العام الهجري الجديد، الذي سيشهد بإذن الله انعقاد الدورة الثانية عشرة للقمة الإسلامية في جمهورية مصر العربية، نكون قد قطعنا أكثر من نصف الطريق نحو بلوغ الأهداف المحددة في برنامج العمل العشري الذي هو بمثابة خارطة طريق تنتهجها منظمة التعاون الإسلامي لتمكين أمتنا من أسباب العزة والمنعة. لقد أصبح جلياً للعيان أن التطورات التي تشهدها بعض مناطق العالم الإسلامي تعتبر أحداثاً هامة ستكون لها انعكاسات تاريخية في حياة شعوب هذه المناطق. وتؤكد هذه الأحداث الحاجة الماسة إلى تجسيد طموحات شعوب أمتنا في سيادة القانون والحكم الرشيد والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وتوسيع نطاق المشاركة السياسية، وهي المبادئ التي نص عليها ميثاق المنظمة، وأكدها برنامج العمل العشري الذي اعتمدته قمة مكة الاستثنائية الثالثة عام 2005 والتي دعت الدول الأعضاء في المنظمة إلى التطوير والتكيف مع ظروف العالم في الألفية الجديدة. ونحن، في منظمة التعاون الإسلامي، نسعى بكل ما أوتينا من قوة للدفاع عن قضايا أمتنا وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس التي يظهر للعالم أجمع أن السبب في تعثر حل الصراع حولها يرجع إلى تعنت إسرائيل، وما تفرضه من سياسة تعسفية تقوم على مصادرة الأرض وتوسيع الاستيطان وتشريد السكان. كما أننا نعمل على الذود عن حمى الإسلام والمسلمين بالدفاع عن حقوق الأقليات المسلمة، وذلك بالعمل الدبلوماسي الجاد والحوار الهادف، إضافة إلى مواجهة كل محاولات التشويه لقيمنا والإساءة إلى مقدساتنا وثوابتنا، والتي كان آخرها الفيلم المسيء للإسلام، إضافة إلى أننا بذلنا وسعنا لتجلية صورة ديننا الإسلامي الحنيف الحقيقية، بوصفه دين التسامح والمودة والإخاء. ولم نألُ جهداً في مكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا التي هي مصدر قلق كبير لنا لما تنطوي عليه من تمييز ضد المسلمين ومس بحقوقهم الأساسية. أجدد التهاني بالعام الهجري الجديد، داعياً الله أن يوفقنا لما فيه الخير، ويلهمنا جميعاً سبل السداد والرشاد.