منظمة التعاون الإسلامي
الصوت الجامع للعالم الإسلامي

كلمة معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلى أمام منتدى شركاء تحالف الحضارات

التاريخ: 31/05/2012

معالي رئيس الوزراء، السيد أردوغان، معالي الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، المشاركون الموقرون، السيدات والسادة، أود أن أبدأ حديثي بالإعراب عن تقديري لانعقاد منتدى شركاء تحالف الحضارات في اسطنبول. وفي رأيي أن هذا هو المكان المناسب لاجتماع التحالف. فهذه المدينة الجميلة التي تربط آسيا بأوربا تمثل ملتقى للثقافات والحضارات. وأود أن أعرب عن شكري كذلك للحكومة التركية لكرمها وللترتيبات التي قامت بها لعقد هذا المنتدى. ويعتبر وجود رئيس الوزراء أردوغان والسيد بان كي مون بيننا مصدرا للإلهام. وهو أمر يعزز الثقة في أن هذا التجمع سيكون نقطة تحول في مساعينا الجماعية. فبعد ست سنوات من إنشاء التحالف، يجب أن نغتنم هذه الفرصة لنقرن أقوالنا بالأفعال ونفي بالتزاماتنا السياسية. وهذا في الواقع أمر له أهميته بالنسبة إلى مصداقية التحالف واستدامته. فمكافحة التعصب والتمييز، وحماية حقوق الإنسان وتعزيزرها، وتوفير قدر كاف من التعليم، وتعزيز الأنشطة الموجهة إلى الشباب ووسائل الإعلام، جميعها ميادين للعمل بالنسبة إلى الاستراتيجيات التي تصب في هذا الاتجاه. وقد كان التصميم العالمي هو الدافع لمفهوم تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة. وقد اكتسب التحالف المصداقية كما يتضح من تزايد أعداد مجموعة أصدقاء التحالف. ومع ذلك، يظل التحدي القائم صعبا مثلما كان دائماً. وما زلنا محاصرين بأنصار التعصب والكراهية. والحوادث التي وقعت مؤخرا، بما في ذلك المذبحة في النرويج وحرق نسخة من القرآن الكريم، خير شاهد على هذا الواقع المرير. وفي عالم تسوده مفاهيم العولمة دخلت قضايا الهوية الثقافية- الدينية عالم السياسة.وتواجه مجتمعاتنا التحدي المتمثل في الإدارة الرشيدة للتنوع الثقافي. وهذا ليس فقط عن التكامل، ولكنه عن إعداد القلوب والعقول لحقيقة مفادها أننا بصفة دائمة في مواجهة معضلات الهوية وقضايا التنوع. فالعولمة تفرض علينا أن نعيش معا، والوئام بين الأديان الضارب بجذوره في الحلول المتعددة الثقافات سيضمن السلام والأمن والاستقرار. ويتصل الأمر كذلك بتعلم كيفية العيش معا في عالم تعتبر فيه الاشتباكات الواقعة في مكان ما كأنها واقعة في كل مكان، وتعمل فيه خطوط الصدع الثقافي والديني على تقسيم مجتمعاتنا. ومن الضروري التصدي للقوالب النمطية والأفكار الخاطئة التي تعمق أنماط العداء وعدم الثقة داخل المجتمعات وفيما بينها. وقد ركزت منظمة التعاون الإسلامي على مكافحة التعصب القائم على الدين والمعتقد. وتكرس جهودها لنشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي بين مختلف الحضارات والثقافات. في خطابي أمام الجزء الرفيع المستوى من مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر 2010، ذكرت بالتفصيل النقاط الثماني التي أعتقد أنها تسهم إيجابيا في الجمع بين الشعوب والحكومات لمكافحة التعصب والوصم على أساس الدين والمعتقد. ولقد شعرت بالارتياح أن أحدث اقتراحي تأثيرا في المجتمع العالمي. وقد حدث اختراق عندما اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالإجماع القرار التاريخي رقم 16/18 في الدورة السادسة عشرة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف. واعتُمد هذا القرار في وقت لاحق بتوافق الآراء في الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، واعتمده المجلس مرة أخرى في دورته التاسعة عشرة في مارس الماضي. وقد شجعني أن أرى أن المجتمع الدولي لم يكن يقصر في الاعتراف بالرؤية المتضمنة في القرار 16/18 وأهميته عندما استجاب بشكل تلقائي إلى المبادرة المشتركة، التي اتخذتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون وشخصي في مدينة اسطنبول التاريخية في العام الماضي، بإطلاق عملية اسطنبول مع التصميم على تنفيذ أحكام القرار المعني. والعملية تسير بصورة جيدة، وستكون مكملة للأهداف المحددة في تحالف الحضارات. وفي عالم يواجه خطر الإرهاب، لا يمكن ولا يجب إغفال النتائج المترتبة على عدم وضع إطار معياري لتثبيط خطاب الكراهية وغيره من أشكال التحريض على الكراهية والتمييز والعنف. والقرار رقم 16/18 يشكل أساسا جيدا لتضافر جهود الدول على الصعيدين الوطني والدولي. ويجب أن يُستخدم تبعاً لذلك. بالإضافة إلى تجسيد الإرادة السياسية اللازمة لتنفيذ القرار، ينبغي وضع إطار متكامل للخطاب المنسق والمشاركة المستدامة والمنظمة. وهي مشاركة يجب أن تكون موجهة نحو تطوير وتنفيذ تفاهم مشترك لمجموعة القضايا المترابطة. وأعتقد أن تحالف الحضارات سيكون دعامة هامة في هذا الإطار. ولا يمكن إتاحة الفرصة والمخاطرة بأن تختطف جدول الأعمال وتحدده مجموعة من المتطرفين والعناصر الفاعلة غير التابعة للدول. أصحاب السعادة، السيدات والسادة، اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة للإشارة إلى ثلاث نقاط: الأولى عن نطاق وأهداف استراتيجيتنا؛ والثانية عن الأهداف والأولويات؛ والثالثة عن المضي قدما. كما ندرك جميعا، ترغب بعض الأوساط في حذف أي إشارة إلى "الفجوة بين الإسلام والغرب"، في حين يطلب آخرون التأكيد عليها. ويعلم الجميع أن العبارة حسب صياغتها تثير كثير من الجدل الفكري. ولكن الجميع يعلم ما ترمز إليه. وفي هذا الصدد، سوف أشير ببساطة إلى التقرير الرفيع المستوى بشأن تحالف الحضارات، والذي يهدف إلى "بناء الجسور بين المجتمعات، وتشجيع الحوار والتفاهم، وصهر الإرادة السياسية الجماعية بغية التصدي للاختلالات في العالم- وهذه المهمة العاجلة هي مبرر وجود التحالف". ثانيا، وكإطار للعمل، يجب أن نركز على مقاربة إيجابية تؤكد على اتخاذ إجراءات ملموسة تهدف إلى التغلب على أوجه القصور الحالية. ولهذا السبب يفضل البعض اقتراح التأكيد على الجسور التي ستُبني بدلاً من الفجوات التي يجب التغلب عليها. وهذا النهج قد يترك المجال مستقبلا لاقتراح إجراءات واضحة المعالم. وفيما يخص المضي قدما، يبدو لي أن الوقت سلعة من السلع التي لا يمكننا تبديدها. وأؤكد أننا كلما استغرقنا وقتا طويلا، فوتنا فرصا كبيرة لبناء مستقبل مشترك. وفي هذا السياق، فإن خطوة صغيرة إلى الأمام أفضل من التوقف في مكاننا. فوقوفنا موقف المتفرج في مواجهة للتحديات الملحة التي تنتظرنا دائماً يجعلنا متخلفين عن الركب. وكما تعلمون فإن منظمة التعاون الإسلامي، بصفتها منظمة دولية، ليس لديها خطة وطنية في حد ذاتها لتحالف الحضارات، ولكننا نشجع بلداننا الأعضاء ليس على إعداد الخطط الوطنية فحسب، بل على تنفيذها كذلك. ونشجع دولنا الأعضاء كذلك على الانضمام إلى مجموعة أصدقاء التحالف، إن لم تكن قد فعلت بعد، ويسعدني أن أشير إلى أن 33 دولة عضوا في المنظمة من أعضاء مجموعة الأصدقاء. ومن جانب الأمانة العامة للمنظمة، فقد شرعنا في عقد اجتماعات مراكز الاتصال لتحالف الحضارات في الدول الأعضاء في المنظمة، وحتى الآن، عقدنا اجتماعين في جدة وفي الرباط. ويتوقع عقد الاجتماع الثالث في الكويت في وقت لاحق من هذا العام. ونحن حريصون أيضا على دعم برامج التحالف. وفي هذا الصدد، يسرني أن أبلغكم أن الأمانة العامة للمنظمة رعت زيارة عمل قام بها 12 من زملاء التحالف استغرقت ثلاثة أيام إلى جدة في أبريل الماضي، ثبت أنها مثمرة للغاية. ونعتزم مواصلة هذه الأنشطة. وأود أن اختتم مؤكدا استمرار اهتمام المنظمة بزيادة تعزيز تعاونها مع تحالف الحضارات. فالتصدي للمسائل المتصلة بمكافحة التعصب والتمييز، وكذلك تعزيز الحوار والتفاعل بين الثقافات من المجالات الهامة للعمل المتضافر والملموس. ولتوضيح ذلك، أود أن أشير إلى مبادرة المنظمة لتحقيق مصالحة تاريخية بين الإسلام والمسيحية، أو، إذا صح التعبير، بين العالم الإسلامي والغرب. وأنا واثق من أنها تتسق مع أهداف التحالف. وإذا ما تحققت هذه المصالحة، فإنها ستشكل خطوة كبيرة إلى الأمام. شكرا لكم على إصغائكم.

بيانات أخرى

No press releases assigned to this case yet.

مؤتمر بالفيديو لبحث آثار جائحة كورونا على جامعات منظمة التعاون الإسلامي


صندوق التضامن الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي يسلم الدفعة الأولى من الدول الأعضاء الأقل نموا منحة مالية عاجلة لمواجهة تداعيات كورونا


العثيمين: وكالات الأنباء في دول "التعاون الإسلامي" تدحض الأخبار الزائفة في جائحة كورونا


مواصلة لجهود المنظمة في مواجهة جائحة كورونا المستجد صندوق التضامن الإسلامي يشرع في إجراءات تقديم منحة مالية عاجلة للدول الأعضاء الأقل نموا


البيان الختامي للاجتماع الطارئ الافتراضي للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي المعقود على مستوى وزراء الخارجية حول الآثار المترتبة عن جائحة مرض كورونا المستجد (كوفيد-19) والاستجابة المشتركة لها


وزراء خارجية اللجنة التنفيذية: تعزيز الإجراءات الوطنية لدول "التعاون الإسلامي" للتخفيف من وطأة تداعيات وباء كورونا المستجد


مجمع الفقه التابع لمنظمة التعاون الإسلامي يصدر توصيات ندوة "فيروس كورونا المستجد وما يتعلق به من معالجات طبية وأحكام شرعية"


منظمة التعاون الإسلامي ترفض استهداف المسلمين من طرف بعض الأوساط في الهند في ظل ازمة جائحة كورونا


العثيمين يدعو إلى اللجوء لأحكام فقه النوازل وحفظ النفس في محاربة وباء كورونا المستجد


العثيمين يخاطب ندوة مجمع الفقه الإسلامي الدولي حول الأحكام المتعلقة بانتشار جائحة كورونا


البيان الصادر عن الاجتماع الطارئ للجنة التوجيهية لمنظمة التعاون الإسلامي المعنية بالصحة بشأن جائحة كورونا


العثيمين يدعو الاجتماع الافتراضي بشأن كورونا المستجد للعمل الجماعي في مواجهة الجائحة


كتاب اليوبيل الذهبي لمنظمة التعاون الإسلامي

المؤتمر الدولي للعلماء المسلمين حول السلم والأمن في أفغانستان