التاريخ: 23/08/2010
جدة، المملكة العربية السعودية 20 أغسطس 2010م بسم الله الرحمن الرحيم معالي الشيخ صالح كامل، رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة، المندوبون الموقرون، السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إنه لمن دواعي سروري العظيم أن ألقي الكلمة الافتتاحية في المؤتمر السنوي الأول لاتحاد أصحاب الأعمال الذي ترعاه الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة. ويسرني كذلك أن يُعقد هذا المؤتمر في مدينة جدة التي تُعد أهم مركز تجاري للعالم الإسلامي خلال شهر رمضان المعظم. وبهذه المناسبة الكريمة أتقدم إليكم وإلى كافة زملائكم في العالم الإسلامي بأحر التهاني راجياً المولى عز وجل أن يكون شهرنا هذا شهر خير وأمان وتراحم ولاسيما في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها إخواننا في الباكستان. وإنني من هنا أيضاً أكرر ندائي للأمة الإسلامية كافة وإلى رجال الأعمال خاصة أن يمدوا يد العون إلى إخوانهم في الباكستان. وأود أن أبدا حديثي بتهنئة الغرفة التجارية الإسلامية على نشاطاتها المتتالية وعلى نشاطاتها الدوؤبة وأخض بالشكر أخي الشيخ صالح كامل. ومن حسن الصدف، فإن انعقاد مؤتمركم هذا يأتي في الوقت الذي تجري فيه منظمة المؤتمر الإسلامي استعراض منتصف المدة لبرنامج عملها العشري الذي اعتمدته الدورة الاستثنائية الثالثة لمؤتمر القمة الإسلامي (مكة المكرمة، ديسمبر 2005) مما يضفي عليه أهمية خاصة. وتهدف عملية إعادة تقييم مدى تنفيذ خطة المنظمة إلى ضمان توافق البرامج والمشاريع والأولويات البعيدة المدى التي حُددت قبل خمس سنوات، مع الظواهر الدولية المتغيرة والتحديات الأخيرة، وعلى وجه الخصوص الأزمة المالية العالمية وأزمتي الغذاء والطاقة. والأساس المنطقي لذلك هو ضمان بلوغ هدفنا الرئيسي المتمثل في تحقيق التحول الاجتماعي والاقتصادي والسياسي السريع في الدول الأعضاء بالمنظمة والبالغ عددها 57 بلداً. ولتيسير إقامة شراكة شاملة لتنفيذ برنامج العمل العشري للمنظمة، تم التأكيد التام على دور القطاع الخاص. وفي هذا الصدد، فإن التعاون والشراكة القائمين بين المنظمة وقطاع الأعمال في العالم الإسلامي شهدا تطورا ملحوظا منذ ذلك الوقت. ولذلك سوف تتناول هذه الكلمة الرئيسية الأنشطة المتعددة المدرجة على الجدول الاقتصادي لأعمال المنظمة مع التركيز بصفة خاصة على شراكتها المتطورة مع القطاع الخاص والتنفيذ الشامل لبرنامج المنظمة الاقتصادي. السيد الرئيس، المندوبون الموقرون، إن الأنشطة الرئيسية المدرجة على جدول أعمال المنظمة الاقتصادي هي تعزيز التجارة الإسلامية البينية وتخفيف حِدة الفقر، وتحقيق الثروات داخل بلدان المنظمة، وبناء القدرات؛ فضلا عن تشجيع الاستثمار وتطوير البنيات الأساسية. ولتلبية الحاجة إلى تعزيز التعاون فيما بين بلدان الجنوب، تم التركيز كما ينبغي على تحسين أداء الاقتصادات الوطنية للدول الأعضاء في المنظمة. ولذلك، فإنه لمن دواعي السرور أن تتمخض حصيلة هذه الأعمال عن نتيجة إيجابية أدت إلى زيادة في حجم التجارة الإسلامية البينية من 271.45 مليار دولار في عام 2005 إلى 551 مليار دولار في عام 2008 (من 14.5% في عام 2004 إلى 16.60% في عام 2009؛ وهدفنا هو بلوغ نسبة 20% بحلول عام 2015). ولا شك في أن الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة قد شاركت مشاركة فعالة في مجموعة الأنشطة التي يجري تنفيذها في إطار البرنامج التنفيذي لتعزيز التجارة الإسلامية البينية. وتأتي ورشة العمل حول تصدير وتصنيع البن التي عُقدت في كمبالا بأوغندا في أكتوبر 2009 في مقدمة البرامج المتعلقة ببناء القدرات في القطاع الخاص في بلدان المنظمة. والمكونات الرئيسية لهذا البرنامج هي تعزيز التجارة وتمويلها، وتطوير السلع الإستراتيجية. وقد استفادت جميع هذه الأنشطة استفادة كبرى من مستويات التمويل العالية وتنسيق السياسات الإستراتيجية بواسطة مؤسسات المنظمة المختلفة مثل المركز الإسلامي لتطوير التجارة، والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، والمؤسسة الإسلامية لتطوير القطاع الخاص، والمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات. وبلغ مقدار هذه المشاركات في قطاع التجارة 4.7 مليار دولار أمريكي في عام 2009، وتضمن دعما لأنشطة بناء القدرات شمل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدول الأعضاء في المنظمة. السيد الرئيس، المندوبون الموقرون، إن سياسة المنظمة فيما يتعلق بتطوير السلع الأساسية الإستراتيجية نابعة من إيمانها بضرورة إيجاد سبل مستدامة لتعزيز النمو الاقتصادي داخل بلدان المنظمة، والتصدي في الوقت نفسه لظاهرة تفشي البطالة والفقر في أوساط الفئات الفقيرة والمعوزة من سكان هذه البلدان. وفي هذا الصدد، فإن برنامج العمل الخمسي المعني بالقطن 2007-2011، وسلسلة الإجراءات المتعلقة بتطوير برنامج عـن الأمـن الغذائي والتنمية الزراعية تمثل إجراءات حاسمة لتحسين الإنتاجية فـي الـدول الأعضاء في المنظمة. ومن نفس المنطلق، فإن تعزيز التجارة بتشجيع عقد منتديات للأعمال التجارية وتنظيم المعارض التجارية وعقد اجتماعات للباعة والمشترين، تهدف جميعها إلى تعزيز دور القطاع الخاص بوصفه محفزاً رئيسياً للنمو الاقتصادي والتنمية في بلدان المنظمة. وقد كان تعاون الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة مؤثرا للغاية في هذه الأنشطة. وعلاوة على ذلك، فقد كانت مساهمات منظمة المؤتمر الإسلامي وأجهزتها واضحة للغاية في مجال توفير الموارد المالية لدعم القدرات الصناعية وتحقيق القيمة المضافة والتنمية البشرية. فقد بلغ مجموع قيمة اعتمادات وفسوحات البنك الإسلامي للتنمية في إطار الصندوقين الرئيسيين لتخفيف حدة الفقر منذ إنشائهما 2.438 مليار دولار أمريكي. وقد أُنشئ هذان الصندوقان، وهما صندوق التضامن الإسلامي للتنمية والصندوق الخاص لتنمية إفريقيا، على وجه الخصوص بموجب برنامج العمل العشري للمنظمة لغرض تحسين الرفاه وسبل كسب العيش للفئات الهشة والمجتمعات الريفية في بلدان المنظمة. ويهدف الصندوقان كذلك إلى تعزيز الأنشطة التي تخدم الفئات الفقيرة في مجالات الصحة والتعليم والإسكان ومرافق الصـرف الصحي والأمن الغذائي والتنمية الزراعية. وبسبب قيود التمويل التقليدية فيما يخص تنفيذ مشاريع التعاون المختلفة، بُذلت جهود للوصول إلى أصحاب المصلحة الوطنيين والدوليين على حدّ سواء. ووفقاً لذلك، فإن دور القطاع الخاص فـي هذا المجال سيكون ذا منفعة متبادلة. وتهدف الإستراتيجيات الجاري تنفيذها إلى تشجيع المؤسسات الوطنية ومؤسسات القطاع الخاص في العالم الإسلامي على إقامة شراكات مع المنظمة في جهود التعبئة التي يضطلع بها هذان الصندوقان. وأود أن أشيد، في هذا الصدد، بالشراكة القائمة وترتيبات التمويل المماثلة بين البنك الإسلامي للتنمية وكل من منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) والصندوق الـدولي للتنمية الـزراعية (إيفاد). وثمة نهج مماثل يجـري تطويـره بين المنظمة والمؤسسات الوطنية لتمويل التنمية. ولذلك، فإنني لعلى ثقة من أن اتحاد أصحاب الأعمال سينظر في اعتماد نهج مماثل فيما يتعلق بقرارات استثماراته في بلدان المنظمة. السيد الرئيس، المندوبون الموقرون، إن الاقتراح القاضي بتوسيع العلاقات التجارية فيما بين بلدان المنظمة يرتكز على الحقيقة المسلم بها على نطاق واسع، والمتمثلة في أن عائدات الاستثمار في الاقتصادات الناشئة لبلدان المنظمة عالية نسبيا. ويبدو ذلك جليا في معدلات النمو المذهلة التي سجلتها البلدان النامية، ومعظمها أعضاء في المنظمة، في أعقاب الأزمة العالمية الأخيرة. وبالرغم مـن أن النـاتج المحلي الإجمالي لبلـدان المنظمة مجتمعة بلغ 6.4 تريليون دولار في عام 2007، أي ما يمثل 7.5% من الناتج العالمي، فإنه يمكن تسخير الموارد الطبيعية والبشرية الضخمة في العالم الإسلامي لزيادة نسبة إسهامه في الاقتصاد العالمي، ولزيادة التبادل التجاري فيما بين بلدان المنظمة. وهذه المكانة الإيجابية تدعمها الحقيقة المتمثلة في أن بلدان المنظمة تشكل 40% من صادرات العالم من المواد الخام ولديها ثلثا احتياطيات النفط المؤكدة في العالم. واللافت للانتباه أيضاً أن 100 شركة من الشركات متعددة الجنسيات تعمل في بلدان المنظمة بمجموع قيمة أصول يبلغ 200 مليار دولار أمريكي. وتتمثل الإستراتيجية الأصلية لتطوير القدرات المحلية في تشجيع النمو الاقتصادي وتهيئة المناخ الملائم لتبادل السلع والخدمات وتعزيز رفاه غالبية السكان المحليين. ومن أجل ذلك، يظل دور المشاريع الصغيرة والكبيرة ذا أهمية حاسمة. ولذلك، فإن الاتحاد الجديد لأصحاب الأعمال في البلدان الإسلامية في وضع يمكّنه من حشد ما هو مطلوب. السيد الرئيس، المندوبون الموقرون، اسمحوا لي، وأنتم تعكفون على تكوين اتحاد أصحاب الأعمال هذا، أن أحث الحضور مرة أخرى على منح الاعتبار اللازم للحاجة إلى تكوين عضوية أوسع تمثل قطاع الأعمال ككل في العالم الإسلامي تمثيلا حقيقيا. ويمكن تحقيق ذلك إذا شارك الاتحاد والغرفة في تخطيط وتنفيذ أنشطة منظمة المؤتمر الإسلامي، بما في ذلك المؤسسات المختلفة العاملة في مجال التعاون الاقتصادي، وفي مقدمتها اللجنة الدائمة للتعاون التجاري والاقتصادي (كومسيك). وما من شك فإن إقامة شراكة وثيقة بين القطاعين العام والخاص،إلى جانب ربحية أنشطة المشاريع المشتركة في بلدان المنظمة، ستحقق التآزر من أجل أنشطة اقتصادية مربحة. وستواصل الأمانة العامة تقديم أقصى دعمها للغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة وللمؤسسات التابعة لها من أجل بلوغ هذه الغاية. وتعتبر مسألة الإدارة الرشيدة للشركات ذات صلة وثيقة بإقامة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهي مكملة لجهودنا المختلفة الرامية إلى تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة. وبما أن القصـور الواضح فـي الشفافية فـي القطاعين العام والخاص في البلدان النامية قـد زاد تكلفة مزاولة النشاط التجاري في بلداننا، لا مغالاة في القول بالحاجة إلى دعم القطاع الخاص للتدابير الوطنية الجارية بشأن مواءمة المعايير لسلعنا وخدماتنا. وتبيّن الإحصائيات أن نحو 10% من إجمالي الناتج المحلي مفقودة بسبب المغالاة في قيمة فواتير العقود، وتبادل السلع غير المستوفية للمعايير، وغير ذلك من الممارسات الضارة. وأشيد، في هذا الصدد، بانعقاد المؤتمر العام الأوّل لمعهد المعايير والمقاييس للبلدان الإسلامية،في أنقرة بجمهورية تركيا يوم 2 أغسطس/آب الحالي. فمواءمة المعايير من شأنها، بالإضافة إلى تعزيز تبادل السلع والخدمات فيما بين البلدان، الإسهام في نقل التكنولوجيا وتحسين جودة المنتجات وزيادة القدرة التنافسية في بلدان المنظمة. وفي الختام أجدّد تهانيّ القلبية إليكم بعقد المؤتمر السنوي الأول لاتحاد أصحاب الأعمال، كما أجدد دعوتي لكم بأن لا ينسى رجال الأعمال المسلمون في مؤتمرهم هذا في هذا الشهر الفضيل محنة إخواننا في الباكستان. وفقكم الله إلـى ما فيه خير الأمة.. لكم مني أزكى التحية وأطيب السلام. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،