التاريخ: 10/12/2009
يحتفل المجتمع الدولي باليوم العالمي لحقوق الإنسان يوم 10 ديسمبر من كل عام وذلك إحياء لذكرى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م. ويشكل هذا الاحتفال فرصة لاستذكار أهمية احترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية. ويتميز احتفال هذا العام باختيار شعار: "الإيمان بالتنوع: إنهاء التمييز". وهذا اختيار مناسب للغاية في وقت ينكب فيه المجتمع الدولي، المطبوع بالتنوع، على بذل جهود جادة لتثبيت نظام عالمي قوامه الاحترام المتبادل والاهتمام المشترك من أجل التصدي للتعصب وكراهية الأجانب والتمييز وضمانا لنجاح هذه الجهود العالمية ولتعزيز الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفق نهج متسق مع الجهود الرامية إلى ضمان احترام التنوع الثقافي والديني. ولقد أدركنا في منظمة المؤتمر الإسلامي أهمية تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها كما تعكسها العملية الحالية المحددة زمنيا لإحداث لجنة دائمة مستقلة لحقوق الإنسان. وقد أعلن قادة منظمة المؤتمر الإسلامي في ديسمبر 2005م خلال القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية بالإجماع أن عملية الإصلاح والتطوير الراهنة يجب أن تستند إلى مبادئ الحكم الرشيد وحماية حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والشفافية والمساءلة. ووضعت القمة برنامج العمل العشري مع خارطة طريق من أجل تعزيز حقوق الإنسان والسعي الحثيث نحو توسيع نطاق المشاركة السياسية ولتعزيز المساواة والحريات المدنية والعدالة الاجتماعية في الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي. وقد دعا الميثاق الجديد لمنظمة المؤتمر الإسلامي، الذي أقرته الدورة الأخيرة لمؤتمر القمة الإسلامي التي عقدت في دكار بجمهورية السنغال في مارس 2008م، إلى إنشاء لجنة دائمة مستقلة لتعزيز "الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية الواردة في عهود المنظمة وصكوك حقوق الإنسان المتفق عليها عالميا". وباعتماد هذه الأحكام أبانت الدول الأعضاء في المنظمة عن التزامها بتعزيز قوانينها وأنظمتها الوطنية لضمان احترام حقوق الإنسان في بلدانها. إن إنشاء هذه اللجنة من شأنه أن يشكل حدثا بارزا من عمر المنظمة التي مر على إنشائها أربعون سنة وأن يعكس مدى اهتمام الدول الأعضاء بحقوق الإنسان. وسيحدث هذا التطور نقلة نوعية داخل منظمة المؤتمر الإسلامي وسيشكل برهانا ملموسا لالتزام المنظمة والدول الأعضاء وتعزيز القيم العالمية لحقوق الإنسان. وبهذه المناسبة، أود أن أحث المسلمين كافة على الالتزام بتعاليم الإسلام الذي يقدس الحياة البشرية ويمجدها. إلا أنه للأسف بدأنا نشهد خلال السنوات الأخيرة، بشكل يبعث على الصدمة والاستياء ، جرائم شنيعة وأعمال عنف تنتهك على نحو صارخ الحقوق الإنسانية الأساسية. لذا يتعين علينا جميعا في العالم الإسلامي أن نتصدى بقوة وأن نتحد ضد العنف والانقسام والطائفية. كما أود أن أؤكد مجددا ندائي إلى كافة الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي وإلى المجتمع الدولي برمته لإيلاء الاهتمام والعناية اللازمة للتحديات الإنمائية التي تشكل عائقا حقيقيا أمام تنفيذ الأهداف النبيلة الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما يشكل هذا اليوم فرصة لنا لتأكيد ندائنا للمجتمع الدولي لتبني موقف مبدئي لوضع حد نهائي للانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تنتهجها إسرائيل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها مدينة القدس الشريف. إننا، ونحن نحيي يوم حقوق الإنسان، لنؤكد مجددا عزمنا المشترك على استيعاب التنوع والقضاء على التمييز. وسيتسنى تحقيق ذلك من خلال إحياء روح الحوار والتعاون والاحترام المتبادل على المستوى الشعبي. وبوسع المجتمع الدولي أن يعول على منظمة المؤتمر الإسلامي باعتبارها شريكا ذا مصداقية لتحقيق هذا المسعى. ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا بحياة في ظل عالم قوامه السلم والعدل والازدهار وتحترم فيه قدسية الحياة البشرية وتتعزز فيه كرامة الإنسان وحقوقه الإنسانية غير القابلة للتصرف.