التاريخ: 10/11/2009
اسطنبول – الجمهورية التركية 9 نوفمبر 2009 فخامة الرئيس عبد الله غول، رئيس الجمهورية التركية أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات، أصحاب المعالي الوزراء ورؤساء الوفود، المندوبون الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنه لشرف عظيم لي أن أخاطب هذه القمة الاقتصادية التي تعقد بمناسبة الدورة الخامسة والعشرين للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري (كومسيك) التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي. واسمحوا لي بادئ ذي بدء أن أقدم تهنئتي الخالصة لرئيس الجمهورية التركية فخامة الدكتور عبد الله غول بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لإنشاء الكومسيك. كذلك أود أن أشير إلى الضيافة الأخوية والاستقبال الحار الذي أحيطت به جميع الوفود في هذه القمة من جانب الجمهورية التركية حكومة وشعبا. وما من شك في أن الترتيبات الممتازة والدقيقة التي اتخذت لاستضافة هذا الجمع ساهمت في نجاحه الباهر. وتتزامن هذه القمة مع الدورة الخامسة والعشرين للكومسيك. ويشار إلى أن الكومسيك ظلت تنهض بمسؤولية تنفيذ خطة العمل لتعزيز التعاون الاقتصادي التي اعتمدتها القمة السابعة التي عقدت في الدار البيضاء في ديسمبر 1994م وبعد اعتماد برنامج العمل العشري في الدورة الاستثنائية الثالثة في مكة المكرمة في ديسمبر 2005م أصبح للتعاون الاقتصادي وقضايا التنمية أهمية كبيرة في جدول أعمال منظمة المؤتمر الإسلامي. وعليه، فإن الكومسيك كانت هي الرائدة في النهوض بالمهمة الجسيمة التي تمثلت في التعجيل بمختلف عمليات الإصلاح، التي تنشد تحسين الظروف المعيشية لمعظم المسلمين في أنحاء العالم. ومما يدعو للغبطة أن نلاحظ أن الكومسيك ما انفكت تقوم بهذه المهام بمصداقية حسبما شهد به عدد من دولنا الأعضاء والمهتمين بهذا الأمر وشركاء التنمية. وفي الماضي القريب، انصبت الجهود على توسيع التجارة البينية في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي من خلال وضع اتفاقية لتحقيق الأفضلية التجارية بين الدول الأعضاء في المنظمة. ويجري إعداد الاتفاقات المواتية اللازمة لتحقيق التدفق الحر للتجارة بين دولنا الأعضاء. وقد اكتملت متطلبات التصديق اللازمة لدخول بريتاس حيز التنفيذ بينما أوشكت بعض العمليات الخاصة بقواعد المنشأ، على الاكتمال. ويتعين عليَ أن أغتنم هذه المناسبة لأشكر قادتنا جميعا الذين ظلوا دوما يستجيبون لمختلف المساعي التي تبذلها الأمانة العامة للمنظمة للإسراع بتنفيذ هذا الاتفاق الهام. إن القيام بهذه النشاطات مجتمعة يمكن أن يمهد الطريق لبلوغ الهدف الذي حدده رؤساء دول وحكومات منظمة المؤتمر الإسلامي للارتقاء بمستوى التجارة البينية في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي إلى 20% بحلول سنة 2015م. ومن دواعي سروري أن ألاحظ هنا أنه منذ اعتماد سلسلة التدابير التي تنشد تذليل التجارة والتمويل التجاري، اكتست زيادة حجم التجارة بين بلدان المنظمة أهمية. فقد بلغنا الآن مستوى 16.60% بالرغم من الانهيار الاقتصادي العالمي. أصحاب الفخامة، المندوبون الكرام، من المعلوم أنه لا يمكن أن تستفيد القطاعات الفقيرة من السكان من الأرباح الوطنية المقترنة بالتبادلات التجارية والتوسع التجاري إلا من خلال تنفيذ برامج مفصلة لتخفيف حدة الفقر تأخذ بيد الفقير والمحروم للمشاركة في العملية الاقتصادية الأساسية. إن بلدان منظمة المؤتمر الإسلامي تستضيف ثلث سكان البلدان النامية ومع ذلك فإن عددا كبيرا منها يعتبر من بين أقل البلدان نموا. إن الهدف من الازدهار الجماعي الذي يسعى قادتنا لتحقيقه لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت برامج تخفيف حدة الفقر هي مركز برامج التعاون الاقتصادي بيننا. ولهذا السبب، فإني أحيي الجهود التي تبذلها مختلف أجهزة منظمة المؤتمر الإسلامي لتعزيز برامج معالجة أحوال هذه المجموعات الفقيرة في المجتمعات المسلمة. ويشار إلى أن تخفيف حدة الفقر وتعزيز الصناعات الزراعية الغذائية والتمويل البالغ الصغر وتنمية البنى التحتية، تمثل بعض البرامج التي تنفذها أجهزتنا الاقتصادية. وفي هذا السياق، اسمحوا لي أن أحيي التزام البنك الإسلامي للتنمية الذي لا يعرف الكلل ولا الملل، لتنفيذ هذه البرامج العديدة. وينصب انتباهنا الآن على المشاريع العابرة للحدود، التي يمكن أن تعزز السلم والوئام في الأقاليم الحدودية. ويشار إلى أن إبرام اتفاقات تجارية مختلفة يتطلب دعم فخامتكم حتى يتسنى الشروع في تنفيذ عملية الحشد الفعلي لطاقات شعوبنا للقيام بتبادلات اقتصادية نشطة. ويمكن أن تساهم هذه التدابير في تغيير موقع منظمتنا حتى تصبح مساهما حقيقيا في مجال الأمن الاقتصادي الجماعي. ولكن، والعالم يواجه تحديات هائلة في أعقاب الأزمة المالية العالمية وأزمتي الغذاء والطاقة، أعيد النظر في نشاطات الكومسيك بغية توفير استجابة جماعية ملائمة للتصدي للآثار السلبية لهذه الأزمات العالمية على رفاهة شعوبنا. ويطيب لي أن ألاحظ النشاطات الجارية التي تنشد إلقاء نظرة داخلية على مجتمع منظمة المؤتمر الإسلامي من أجل تقديم الاستجابة الملائمة لهذه الأزمات. فقد شكلت الاجتماعات الأخيرة التي عقدت بين رؤساء مصارفنا المركزية وأسواقنا للأوراق المالية، خطوات ملموسة في هذا الاتجاه. إضافة إلى ذلك، فإن إعداد معايير الأغذية الحلال والدور المتزايد للقطاع الخاص، يمثل تدابير سوف تساهم في توسيع نطاق التجارة. كما سوف تساعد على معالجة هذه الأزمات المالية والغذائية المدمرة التي زادت من غوص بلداننا في وحل الانكماش الاقتصادي. أخيرا، اسمحوا لي أن أحيي الدعم السخي الذي تتلقاه الأمانة العامة من أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات من خلال مشاركة بلدانكم المختلفة في النشاطات الاقتصادية المتعددة للمنظمة. وأود أن أخص بالتقدير الخالص رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي، الأستاذ عبد الله واد، لدعمه الخاص خلال فترة مختلف الإصلاحات والذي يسّر تنفيذ برنامج العمل العشري وتحقيق هدف التعاون الاقتصادي الفعال بين أعضاء الأمة. وأحيي جميع موظفينا في الأمانة العامة وأمانة تنسيق الكومسيك على ما بذلوه من جهود مضنية في الإعداد لهذه القمة. كما أشيد بالدعم الملموس المقدم من جميع أجهزة منظمة المؤتمر الإسلامي خاصة في مجالات محددة تتعلق بإقامة مشاريع عالية الجودة لها قدرات كبيرة لتحقيق تعاون اقتصادي فعال بين بلداننا. ويعد إطلاق مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب للبلدان الإسلامية (سيسرك) بوابته على الإنترنت الخاصة بالتعليم المهني وبرامج التدريب لبلدان المنظمة، خطوة عملية تجاه المساهمة في تحقيق هدف بناء القدرات البشرية والإسراع بالتحول الاجتماعي الاقتصادي في بلدان المنظمة. وفي هذا السياق تستحق وكالات القطاع الخاص وقطاع الأعمال اهتمام خاصا هنا نظرا لتفانيها في الالتزام بمثل تعزيز التجارة الحرة وضمان ترجمة جميع قراراتنا حقيقة إلى واقع لمختلف قطاعات سكاننا. وهذه الجهود موجهة كذلك لضمان تحقيق هدفنا الخاص بتخفيف حدة الفقر في الوقت المناسب. لذلك إني أرجو مخلصا أن تخرج هذه القمة بتوجيهات إضافية يمكن أن تبلور الإنجازات التي تحققت حتى الآن من خلال التنفيذ الفوري لهذه البرامج والمشاريع الإنمائية. وما من شك يساورني في أن هذه التدابير من شأنها أن تساهم في توفير موفور السعادة والرفاهة والازدهار للأمة الإسلامية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.