التاريخ: 09/11/2009
اسطنبول، الجمهورية التركية، 9 نوفمبر 2009 فخامة الرئيس عبد الله غُل، رئيس الجمهورية التركية، أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات، معالي الوزراء ورؤساء الوفود، المندوبون الموقرون. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إنه لمن دواعي سروري وشرفي الكبيرين أن أخاطب هذا الجمع الموقر. وأود بادئ ذي بدء أن أعرب عن تقديري الخالص لفخامة الرئيس عبد الله غل رئيس الجمهورية التركية لتشريفه هذا الاجتماع، ولما يبديه من اهتمام شخصي وقيادة حكيمة في توجيه عمل هذه اللجنة الدائمة الهامة، وعرفاني للجمهورية التركية حكومة وشعباً لما تقدمه من دعم متواصل لنشاطات الكومسيك. كما نعرب عن تقديرنا للترتيبات الممتازة والضيافة الأخوية التي أحيط بها مندوبو المنظمة مما مهد الطريق لنجاح هذه القمة. واليوم ونحن نحتفل بالذكرى الخامسة والعشرين لإنشاء اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري (الكومسيك)،فإني أعتقد أنه يتعين علينا أن نقر ونشيد أيما إشادة برئيس الوزراء التركي الراحل تورقت أوزال باعتباره قدم المساهمات، رغم تواضعها، في تأسيس اللجنة، للجهود الجديرة بالإشادة التي بذلها وللأهداف والأدوار المستندة إلى رؤية، التي حددها لهذا اللجنة الدائمة. وفي الواقع أرسيت دعائم هذا المشروع الاقتصادي الكبير بفضله وبفضل مساعديه المقربين والمخلصين، على أساسٍ متين. سيادة الرئيس، إن العالم الإسلامي بأسره يتطلع اليوم إلى المستقبل الواعد الذي تفتح آفاقه الكومسيك أمامنا جميعاً.إن أبواب ذلك المستقبل سوف تُشرع بفضل الروح النشطة الجديدة والآفاق الواسعة والإمكانات الكبيرة التي رسمت معالمها قمة منظمة المؤتمر الإسلامي الاستثنائية التي عقدت في مكة المكرمة وبرنامج عملها العشري وميثاق المنظمة الجديد. إن لدينا من الأسباب ما يدعونا للاعتقاد بأن ذلك سوف يتحقق بفضل الانجازات الملموسة التي حققتها الكومسيك خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية. وتتيح لنا هذه المناسبة فرصة فريدة للإشادة بالأعمال المشكورة للمسؤولين المختلفين الذين ظلوا يثابرون في القيام بمهمة تعزيز العلاقات الاقتصادية بين أعضاء هذه المنظمة. وتنعقد هذه القمة في نهاية الدورة السنوية للكومسيك. وقد ظلت الكومسيك تنهض بمسؤولية تنفيذ خطة العمل لتعزيز التعاون الاقتصادي التي اعتمدتها القمة الإسلامية السابعة التي عقدت في الدار البيضاء في ديسمبر 1994. وفي أعقاب اعتماد برنامج العمل العشري في الدورة الاستثنائية الثالثة في مكة المكرمة في ديسمبر 2005، أوكلت كذلك مهمة التعجيل ببرنامج التعاون الاقتصادي إلى الكومسيك. ومما يدعو للغبطة أن نلاحظ في هذا المقام أن الكومسيك أنجزت هذه المهام على نحوٍ أهلها لنيل المصداقية وشهد بذلك عدد كبير من دولنا الأعضاء والمهتمين بهذا الأمر وشركاء التنمية. وفي السنوات القليلة الماضية تم توجيه الجهود تجاه توسيع نطاق التجارة البينية في إطار منظمة المؤتمر من خلال صياغة اتفاق ينشد تحقيق أفضلية تجارية بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي. وقد دخلت الاتفاقية الإطارية الخاصة بنظام الأفضلية التجارية حيز التنفيذ، كما انطلقت جولات للمفاوضات التجارية. ومن المقرر أن يتلو ذلك بروتوكول بخصوص التفضيلات التعريفية وشبه التعريفية وقواعد المنشأ. إن هذه النشاطات مجتمعة من شأنها أن تمهد الطريق لبلوغ الهدف الذي حدده رؤساء الدول والحكومات في منظمة المؤتمر الإسلامي المتمثل في رفع حجم التجارة البينية في إطار المنظمة إلى 20% بحلول سنة 2015. كما يطيب لي أن ألاحظ هنا أنه منذ اعتماد سلسلة من تدابير تسهيل التجارة وتمويلها، زاد حجم التجارة بين بلدان المنظمة بوضوح. فقد بلغنا الآن نسبة16.60 %، وفقاً لأحدث الإحصاءات. أصحاب الفخامة، المندوبون الكرام، إنه من المعلوم أن الزيادة في الدخل الوطني الناشئة عن التبادلات التجارية وتوسيع نطاق التجارة لا يمكن أن تجني ثمارها الفئات الفقيرة من الشعوب مالم تنفذ برامج مدروسة لتخفيف حدة الفقر وللأخذ بأيدي الفقراء والمحرومين للمشاركة في العملية الاقتصادية. فمنظمة المؤتمر الإسلامي تضم ثلث سكان البلدان النامية بينما يعد جزء كبير من هذه البلدان من بين أقل البلدان نمواً. ولايمكن أن يتحقق هدف الازدهار الجماعي الذي يسعى قادتنا لتحقيقه ما لم تبقى برامج تخفيف حدة الفقر ركناً ركيناً من برنامجنا الخاص بالتعاون الاقتصادي. ولذلك فإني أحيي جهود مختلف وكالات منظمة المؤتمر الإسلامي المبذولة لتعزيز البرامج التي تنشد معالجة أوضاع هذه المجموعات الضعيفة في الأمة الإسلامية. فما تمويل التجارة والتمويل والقروض الصغيرة وتنمية البنيات التحتية إلا جزء من البرامج التي تنفذها مختلف وكالاتنا الاقتصادية. إن الاهتمام الآن ينصب على المشاريع العابرة للحدود التي يمكن كذلك أن تعزز السلم والوئام بين سكان الأقاليم الحدودية. ولعل إبرام مختلف الاتفاقات التجارية يحتاج إلى دعم فخامتكم حتى يتسنى انطلاق عملية الحشد الحقيقي لطاقات شعوبنا من أجل إجراء تبادلات اقتصادية فعالة. ومن شأن هذه التدابير أن تعيد توجيه مسار منظمتنا حتى تكون مؤثراً حقيقياً في مجال الأمن الاقتصادي الجماعي. إلا أنه، وفي الوقت الذي يواجه فيه العالم تحيات هائلة في أعقاب الأزمات العالمية المالية والغذائية وعلى مستوى الطاقة، تمت إعادة النظر في نشاطات الكومسيك بغية توفير القاعدة الجماعية الملائمة للتصدي للآثار السلبية لهذه الأزمات العالمية عن شعوبنا. اسمحوا لي في الختام أن أشيد بالدعم الكبير الذي تتلقاه الأمانة العامة من أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات، من خلال مشاركة بلدانكم المختلفة في النشاطات الاقتصادية المتعددة للمنظمة. وبشكل خاص، أود أن أسجل تقديري الخالص لرئيس المنظمة الأستاذ عبد الله واد، لما قدمه من دعم خاص خلال فترة الإصلاحات المختلفة مما ذلل تنفيذ برنامج العمل العشري وتحقيق هدف التعاون الاقتصادي بين أفراد الأمة. وإننا لنرجو مخلصين أن تخرج هذه القمة بمزيد من التوجيهات التي يمكن أن تتبلور من خلالها الإنجازات التي تحققت حتى الآن عبر التنفيذ السريع والفوري لهذه البرامج والمشاريع التنموية. وما من شك في أن هذه التدابير من شأنها أن تفضي إلى فيض من السعادة والرفاه والازدهار لجماهير بلادنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.