منظمة التعاون الإسلامي
الصوت الجامع للعالم الإسلامي

كلمة معالي الأمين العام أمام الدورة السادسة والثلاثين لمجلس وزراء الخارجية

التاريخ: 23/05/2009

دمشق – الجمهورية العربية السورية 28 جماد الأول إلى 1 جماد الثاني 1430 هـ (23 – 25 مايو 2009م) فخامة الرئيس بشار الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية أصحاب المعالي والسعادة ، حضرات السادة رؤساء الوفود، يشرفني أن أرحب بكم جميعاً، ونحن نفتتح بعون الله، الدورة السادسة والثلاثين لمجلس وزراء الخارجية لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وأن أخاطب مجلسكم الموقر في هذه الحاضرة الإسلامية العربية العريقة التي ترعرع فيها الإسلام في أيامه الأولى، وشهدت أمجاده التاريخية الكبرى، وكانت على الدوام حاضنة لتراثه الخالد. ويطيب لي كذلك في مستهل حديثي أن أحيي الشعب السوري العظيم، وقائد مسيرته، فخامة الرئيس بشار الأسد متوجها له بعاطر الشكر والتقدير، لرعايته الكريمة لهذا الاجتماع الهام، ونتطلع باهتمام كبير لكلمته التي سيفتتح بها هذا المجلس والتي سيبدي فيها فخامته توجيهاته القيّمة التي ستنير لنا سبل العمل في اجتماعنا هذا. وهذا ما يحدوني إلى أن أعرب لفخامته ولحكومته عن صادق الامتنان والعرفان لكل ما بذل من جهد، وما أعِدّ من إجراءات لضمان سير أعمال هذه الدورة في أفضل الظروف. كما أزجي الشكر لما قدِّم لنا من حسن الوفادة، وكرم الضيافة التي عمّت جميع المشاركين في هذا اللقاء الميمون إن شاء الله. ولا يعزب عن البال في هذا المقام إسداء الشكر والتقدير لجمهورية أوغندا رئيسة الدورة الأخيرة لمجلس وزراء الخارجية على ما قامت به من عمل صادق في توليها رئاسة المجلس على مدى عام كامل، وعلى ما قامت به من مبادرات لتعزيز العمل الإسلامي المشترك. فخامة الرئيس، أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة، هذه هي المناسبة الأولى التي نجتمع فيها رسميا في بداية ولايتي الثانية كأمين عام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، إثر تجديد انتخابي بالإجماع للمرة الثانية في قمة داكار عام 2008. وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأعرب لكم جميعاً عما أشعر به من عظيم شرف، لمواصلة العمل في هذا المنصب الهام، بهدف بذل كل ما في الوسع والطاقة لخدمة الدول الأعضاء والأمة الإسلامية، والعمل على علو شأنها وتقدمها. مدركاً في الوقت ذاته، ثقل عبء المسؤولية الملقاة على عاتقنا. ومما يبعث على الثقة والاطمئنان أن السنوات الأربع المنصرمة، كانت بمثابة محكّ لقدرتنا على الإنجاز والتقدم، وإسماع صوتنا إلى العالم. وقد تمكنا خلال هذه المدة، بتوفيق من الله، وبفضل صادق مساندتكم وتعاونكم، وبالمثابرة والجَلَد، من تطوير هذه المنظمة بشكل عملي وفعّال، فصارت أفعالنا تتكلم عنّا، وأصبح جهدنا مقدّرا في الداخل، وصوتنا مسموعاً محترماً في الخارج. وقد حققنا بذلك نقلة نوعية، ارتقت بالمنظمة من منظمة قاصرة على تنظيم المؤتمرات لتدبيج التوصيات، إلى منظمة تفاعلية، متعددة الصلات والروابط مع العالم ومع المنظمات الدولية والجهوية المؤثرة ومع الحكومات، ومؤسسات المجتمع المدني. وإذ أتطلع إلى المستقبل فإنني أرى أنه ما زال أمامنا شوط طويل، ينبغي أن يبقى زاخرا بالعمل المجدي والمنجزات الحقيقية، وهذا ما أعقد عليه العزم. فخامة الرئيس، أصحاب المعالي، حضرات السيدات والسادة، إذا ما استعرضنا اليوم واقع العالم الإسلامي في الحراك العالمي الراهن، وتطورات السياسة الدولية، وما طرأ على ميزان القوى بين الدول المؤثرة من تغيرات في العقد الأخير من السنين، نجد أن دور العالم الإسلامي ما زال دوراً هامشيّاً، لا يرقى إلى ما ينبغي أن يكون عليه وضعه باعتبار حجمه الديمغرافي الكبير، ومساحته الأرضية الكبيرة، وموقعه الاستراتيجي، وقدراته الهائلة وطاقاته وثرواته الطبيعية. والعصر، كما نشهد، عصر تجمعات كبرى وغير مسبوقة، تبرز فيه قوى كانت بالأمس شيئاً لا يعتد به، بينما تتزعزع فيه أركان قوى دولية أخرى أخذت تنتابها الأزمات والمشاكل. وقد عرفت دول فقيرة في العقدين الماضيين كيف تستفيد من فقرها وضعف مواردها لتخلق من هذا الضعف قوة دافعة لتصويب اقتصادها، ولسلوك سبيل التقدم والتطور، مستفيدة من وحدتها، ومستعملة ممارسات اقتصادية جديدة، كالتركيز على قطاعات رائدة في التكنولوجيا الحديثة، كما يجري الآن في الهند، وما جرى في الأمس في الصين. وقد أدى بروز دور هاتين الدولتين الكبيرتين إلى ظهور تخلخل في النسق الاقتصادي العالمي، أضعف هيمنة الغرب الاقتصادية، بينما جعل من الصين والهند دولتين مرشحتين في المستقبل القريب لتصبحا من أقوى الاقتصادات العالمية السائرة نحو النموّ المضطرد. وهذا التطوّر الكبير يثير لدينا تساؤلات مشروعة بشأن وضع العالم الإسلامي وماذا ستكون ومواقفه في غمار هذه التطورات القادمة. وهل سيحفزنا هذا إلى البحث عن السياسات المثلى التي ينبغي اتباعها للحفاظ على مصالحنا. وتجدر الإشارة هنا إلى مجموعة العشرين (G20) وتواجد ثلاث دول من بين الدول الأعضاء بالمنظمة، وهي إندونيسيا، وتركيا، والمملكة العربية السعودية، ونتمنى أن يزيد عدد الدول الأعضاء بالمنظمة في تلك المجموعة، وأن تتقدم اقتصاديات هذه الدول لتصبح من بين العشرة الأوائل. * * * * فخامة الرئيس، أصحاب المعالي والسعادة ، حضرات السادة رؤساء الوفود، في خضم هذه التطورات، نستطيع القول أن البرنامج العشري للمنظمة قد نجح في وضع تصوّر لعالمٍ إسلاميٍّ موحّد الكلمة متضامن ومتكافل، وقادر على مواجهة التحديات السالفة الذكر. وقد بدأنا في تطبيق ما ورد في هذا البرنامج وقامت الأمانة العامة من جانبها بتنفيذ جلّ ما طلب منها من أعمال مؤسساتية كتعديل الميثاق، وإجراء إصلاحات جوهرية على عدد من مؤسسات المنظمة وفي طليعتها مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ووكالة الأنباء الإسلامية الدولية، ووضع مشروع لخلق هيأة مستقلة لحقوق الإنسان في العالم الإسلامي لتعزيز الحكم الرشيد، وقمنا كذلك بتقوية ودعم المؤسسات الاقتصادية العاملة في مجال العمل الإسلامي المشترك، وتحفيز التعليم الجيّد والاهتمام بوضع مبادرات لأعمال مشتركة في مجال العلوم والتكنولوجيا حيث قدمت في هذا الشأن تقارير سنوية عن مدى التقدم الذي تم إنجازه. ولكن مما يؤسف له أن نرى أن برنامج العمل العشري، رغم كونه أفضل الوسائل لإحداث تغيير جوهري في حياة الأمة الإسلامية، ما زال يعاني من بطء في تطبيق مقتضياته. ولكن مما يدعو للتفاؤل أن بعض الدول الملتزمة تدعم برامجه بتقديم التمويل، وإنشاء اللجان الوطنية، وإعداد الخطط وتنظيم الاجتماعات. ويطيب لي في هذه المناسبة أن أجدّد رجائي للدول الأعضاء أن تبدي اهتماما أكبر وعزيمة أقوى لتنفيذ ما قرره رؤساء دولنا في قمة مكة، باعتبار أن هذا البرنامج هو الطريق الموصل إلى الوحدة والتقدم والمنعة. واقترح في هذا الصدد عقد "اجتماع منتصف المرحلة" لاستعراض التقدم الحاصل في تطبيق هذا البرنامج خلال العام 2010، أثناء الاجتماعات العادية للجان الدائمة كومياك، والكومسيك، والكومستيك التي نتقدم لها بوافر الشكر والامتنان لما تقوم به من جهود حميدة كل في مجال اختصاصه. أصحاب المعالي والسعادة ، حضرات السادة رؤساء الوفود، ما زالت كبريات القضايا التي تنوء بثقلها على العالم الإسلامي، على حالها. ففيما يتعلق بفلسطين، شهدت القضية الفلسطينية تطورات بالغة الأهمية، تمثلت بزيادة وتيرة الاعتداءات التي يتعرض لها المواطنون الفلسطينيون من جراء الممارسات الإسرائيلية من قتل واعتقالات وبناء المستوطنات على الأراضي المحتلة، وهدم البيوت وعزل المدن عن بعضها. كما تتعرض مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك لحملة شرسة غير مسبوقة تهدف إلى تهويدها وطمس هويتها العربية الإسلامية كلية. والأمة الإسلامية مدعوة اليوم بإلحاح، وبأكثر من أي وقت مضى، إلى أن تسارع إلى دعم صمود المدينة المقدسة وأهلها ومؤسساتها سياسياً ومالياً. كما أن المحنة الإنسانية في قطاع غزة تستوجب جهدا إسلاميا للتعامل معها. فقد زرت غزة مؤخراً واطلعت على الوضع الإنساني ووقفت على حجم الدمار الذي أصاب هذا القطاع. وقد التقيت بجموع اللاجئين الجدد هناك. وشهدت آثار العدوان الإسرائيلي الذي انطوى على جرائم حرب مشهودة، واستعمال الأسلحة المحرمة دولياً. وبات من واجبنا الآن أن تتضافر جهودنا لمحاكمة مقترفي هذه الجرائم أمام المحاكم الدولية المختصة والإسراع في بدء إعمار القطاع، ورفع الضائقة والمعاناة عن إخواننا هناك. وقد أرسلنا في المدة الأخيرة عدة قوافل اغاثية لسكان القطاع تضمنت مواد طبية وغذائية. كما نلح على ضرورة قيام المجموعة الدولية بإلزام الحكومة الإسرائيلية بإنهاء الاحتلال لكل الأراضي العربية المحتلة عام 67، في القدس والضفة الغربية والجولان وجنوب لبنان. وأثمِّن في هذا المجال الجهود الحميدة التي تقوم بها جمهورية مصر العربية لرأب الصدع في البيت الفلسطيني، والعمل على وحدة الفصائل والأطراف الفلسطينية. ولقد تتبعنا بكثير من الارتياح تطورات الشأن العراقي، والتوقعات الخاصة بجلاء القوات الأجنبية عن أراضيه. كما سرّنا التحسن المضطرد في الأوضاع الأمنية هناك، ورسوخ التجربة الديمقراطية، والتقدم في جهود تثبيت الوحدة الوطنية العراقية، ووحدة أراضي العراق، وصولاً إلى استعادة العراق لكامل سيادته على كل أراضيه، واستقلاله الناجز. وكانت منظمة المؤتمر الإسلامي من أولى المنظمات التي سعت لخلق تواصل مستمر مع السلطة العراقية في بغداد، عن طريق الزيارات وتعيين سفير لها في العراق، والمساعدة في إخماد الاقتتال الطائفي والديني. وقد بعثنا بالوفود إلى العراق لتقصّي إمكانات التعاون معه في مجالات عدة، وإثر ذلك قمت مؤخرا بزيارة العراق للقاء المسؤولين فيه، مصطحبا وفدا كبيرا ضم مؤسسات المنظمة المختلفة الاقتصادية والفكرية، ومنها البنك الإسلامي للتنمية، لننظر في إمكانات المساهمة في مشاريع الإعمار والتنمية هناك. أما الصومال، فقد شهدت أحواله نوعاً من التحسن النسبي على المستوى السياسي خلال العام الماضي، إثر إطلاق مسار مفاوضات الأمم المتحدة لإحلال السلام في الصومال برعاية دولة جيبوتي. وقد نجم عن هذا المسار السلمي تشكيل حكومة وحدة وطنية. وقد ساهمت منظمة المؤتمر الإسلامي، بوصفها عضوا مراقبا في اتفاقية جيبوتي للسلام، في كل هذه الجهود بكيفية فعالة. ونأسف لاستئناف القتال بين الأطراف الصومالية؛ راجين أن تتمكن الجهود الداخلية والدولية من وقف القتال والعودة إلى الحوار لوضع حدّ لحالة الصومال المؤلمة. ويستأثر الوضع في السودان باهتمام المنظمة البالغ، حيث تتواصل جهود دولية تهدف إلى إنجاح مسار مفاوضات دار فور للسلام. وقد قمت بزيارة إلى السودان في الآونة الأخيرة، حيث قابلت عدداً من المسؤولين وعلى رأسهم فخامة الرئيس عمر حسن البشير. وقد أبلغت فخامته رفض المنظمة لقرار محكمة الجزاء الدولية، وازدواجية معاييرها. ولكننا طالبنا في الوقت ذاته، بأن يقوم القضاء السوداني، بكل ما تتطلبه العدالة، من محاكمة المتورطين في أعمال إجرامية في دار فور. وقد عُدت يوم 18 من الشهر الجاري من زيارة هامة أخرى للسودان، استجابة لدعوة من الرئيس السوداني عمر حسن البشير للاطلاع على مجمل الأوضاع الأمنية والإنسانية، وجهود الحكومة السودانية لتحسين الأوضاع في دارفور. وقد أكدت أثناء تلك الزيارة أن المنظمة مستمرة في تقديم مساعداتها الإنسانية والتنموية هناك، وتعتزم التقدم بمشروع طموح لإنشاء 120 قرية نموذجية تستوعب أكثر من أربعمائة ألف نازح في أقاليم دار فور الثلاثة، بتكلفة تصل إلى 485 مليون دولار. ونشيد في هذا الصدد بالمبادرة الإفريقية العربية برعاية دولة قطر. أما عن الوضع في أفغانستان، فإن هذا البلد الشقيق يقف على مفترق طرق حاسم، حيث تجابهه تحديات للسلم والأمن والاستقرار. وقد كانت المنظمة نشطة في نطاق دعم جهود كثير من الدول الأعضاء في المجموعة الدولية ترمي إلى الوصول إلى سلم شامل هناك. وقمت في هذا الصدد بحضور مؤتمر خاص بأفغانستان عقد في موسكو، كما شاركت المنظمة في مؤتمر دولي بشأن أفغانستان عقد في مدينة لاهاي. ولم نُغفل قضايا التطوير وإعادة الإعمار والبناء في أفغانستان حيث نوليها اهتمامنا المتواصل. وفي قضية جامو وكشمير، ما زال الواقع المتوتر هناك لا يبرح مكانه، أمام عدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الوضع هناك. وقد قام مبعوثي الخاص إلى جامو وكشمير بزيارة إلى كل من إسلام أباد ومظفّر أباد لبحث تطورات الوضع . وقد استبشرنا خيرا بالمناخ الجديد الذي ساد في قبرص بين الطائفتين التركية واليونانية، ونأمل أن يؤدي هذا الانفتاح الجديد إلى نتائج تفضي إلى تسهيل عملية الوصول إلى حلّ عادل لهذه الأزمة على أساس التكافؤ. وفي أذربيجان، ما زلنا نناصر حكومة أذربيجان ضد الاحتلال غير المشروع من طرف أرمينيا لمنطقة ناغورنو كاراباخ، ونطالب بتطبيق قرارات مجلس الأمن في هذا الصدد. وأود أن أخصّ بالذكر الوضع في اتحاد القمر، حيث يثير الوضع التنموي والاجتماعي هناك قلقنا. وأجد من واجبي مناشدة الدول الأعضاء التفضل بمساعدة هذا البلد العضو بشكل عاجل. أصحاب المعالي ، حضرات السادة رؤساء الوفود، ما زالت الحملة ضد الإسلام مستعرة، حيث يتواصل الهجوم المعادي للإسلام والمسلمين بوتيرة متزايدة، وحيث بدأت عدوى هذه الآفة تتسرب تدريجيا إلى بعض المؤسسات الرسمية بعد انتشارها في بعض مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وغيرها. وقد بذلنا، وما زلنا نبذل، الكثير من الجهود على مستويات متعددة ومتنوعة لإيقاظ الوعي بأهمية مناهضة ظاهرة الإسلاموفوبيا في أنحاء شتى من العالم، وفي العالم الغربي على وجه الخصوص. كما عقدنا العديد من الاجتماعات والمؤتمرات، وتحاورنا مع المسؤولين في المنظمات الدولية والإقليمية، ووقعنا لهذا الغرض اتفاقيات ثنائية لعل أهمها مذكرة تفاهم مع مبادرة اتحاد الحضارات التي تحظى بدعم الأمم المتحدة لتعزيز فرص التعاون معها. ونظمنا جلسة خاصة في مقر الأمم المتحدة في جنيف للاحتفال بالذكرى الستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما ساهمنا في أشغال اجتماع منتدى "القيم العالمية المشتركة" في جنيف. واستطعنا إصدار توصية من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تشجب الحملات ضد الأديان، وتدعو إلى عدم ربط الإرهاب بالإسلام. وساهمنا بصورة فعّالة في مؤتمر ديربان الثاني لمناهضة العنصرية الذي عقد مؤخرا في جنيف، حيث فاز عملنا ومواقفنا بارتياح الوفود وتقديرها. وفي هذا المجال كان تحرك مرصد المنظمة ضد حملة الإسلاموفوبيا فعالا، حين رصد اللعبة الالكترونية المسماة (صراع الأديان) Faith fighter على أحد المواقع الالكترونية الذي يصور حربا مزعومة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والسيد المسيح عليه السلام. وكان تدخلنا فوريّاً لشجب هذه اللعبة، نجح في سحب هذه اللعبة من التداول. وقد أصبح المرصد مرجعاً دوليا يقصده الناس للاطلاع على وقائع وتداعيات هذه الظاهرة. ونستطيع أن نقول أن هذه الجهود المكثفة قد بدأت تؤتي ثمارها، وسيتم توزيع التقرير السنوي الثاني لمرصد المنظمة على حضراتكم أثناء هذه الدورة. ويطيب لي أن أشيد بالجهود الكبيرة التي تبذلها في هذا الصدد منظمة الإيسيسكو ومركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (أرسيكا). وفي مجال استكمال تطبيق مقتضيات ما ورد في برنامج العمل العشري، وما جاء في الميثاق الجديد، أعدت المنظمة بالتعاون مع فريق خاص من خبراء الدول الأعضاء دراسة لإنشاء "هيأة مستقلة ودائمة" لحقوق الإنسان لتكون جهازا من أجهزة المنظمة. ولدى استكمال هذه الدراسة طُرحت مسودة لهذه الهيأة على اجتماع رسمي لفريق الخبراء الحكوميين من الدول الأعضاء لدراستها. وقد اجتمع هذا الفريق الرسمي للخبراء في مدينة جدة يومي 12 و 13 أبريل 2009 حيث تدارس الوثيقة ومسودة النظام الأساسي للهيأة. وقد تقرر في اجتماع كبار الموظفين الأخير إتاحة الفرصة لمزيد من الدراسة وتعميق النقاش بهذا الشأن. حضرات السادة رؤساء الوفود، تمثل الأقليات والمجتمعات المسلمة خارج نطاق الدول الأعضاء ثلث عدد المسلمين في العالم، ويُقدر عددها ب 500 مليون نسمة، يزداد عددهم باضطراد كل عام، وكثير منها يعاني من تجاوزٍ لحقوقها. وقد قمت بالعديد من المبادرات لصالح حل قضاياها في كلٍ من الفلبين وميانمار وتايلاند وتراقيا الغربية ومنطقة القوقاز وغيرها. وأوفدت خلال السنوات الماضية مبعوثين إلى عدد من البلدان التي تقيم فيها الجماعات والمجتمعات المسلمة، للإطلاع عن كثب عن أحوال المسلمين المختلفة وللتواصل معهم والوقوف على احتياجاتهم. ويمكن القول بأن جهودنا في الفلبين حققت بعض النجاح غير أننا مطالبون بالاستمرار في متابعة هذه الجهود لإقناع كل من حكومة الفلبين والجبهة الوطنية لتحرير مورو بتنفيذ اتفاقية السلام لعام 1996 تنفيذاً كاملاً. ومن ناحية أخرى، أُذكِّر بأننا واعون تمام الوعي بالأهمية الاستراتيجية للتواصل مع الإعلام. وهو ما تجلى خلال الدورة الثامنة لمؤتمر وزراء الإعلام. وإنني أجدد دعوتي إلى رجال الأعمال في العالم الإسلامي لبذل مزيد من الاهتمام بالمجال الإعلامي والاستثمار فيه. وقد تمكنّا في هذا الصدد من إعادة هيكلة وكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا). كما وافق وزراء الإعلام في دورتهم الثامنة، على الخطة الإستراتيجية الجديدة لاتحاد الإذاعات الإسلامية وعلى الهيكل التنظيمي الجديد للاتحاد. حضرات السادة رؤساء الوفود، تزخر أراضي العالم الإسلامي بكثير من الموارد الاقتصادية الهامة في عديد من الميادين، أهمها الطاقة، والزراعة والمعادن والموارد البشرية. وتؤهل كل هذه الحقائق العالم الإسلامي لأن يصبح كياناً استراتيجيا ذا وزن فاعل على مستوى العالم. ونرجو أن يوفق الاجتماع الوزاري بشأن الزراعة والأمن الغذائي، الذي سيعقد قريبا في الخرطوم لوضع استراتيجيات لمكافحة الجوع والفقر، ولتقليص عدد الدول الأعضاء التي ما زالت تعاني من مشاكل الأمن الغذائي. كما تقوم إدارة الشؤون الإنسانية في الأمانة العامة بجهود كبيرة في مجال الإغاثة في عدد من الدول الأعضاء، وعلى رأسها سيراليون، وأفغانستان، وإندونيسيا، والسودان، والصومال، والقمر، وفي قطاع غزة. وتشكل الأزمة المالية العالمية الراهنة مصدر قلق بالغ لجميع الدول الأعضاء، وللمنظمة ومؤسساتها، وستقوم الأمانة العامة بتنظيم منتدى دولي بشأن الأزمة المالية العالمية بتعاونٍ مع اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري (كومسيك). وبات من الضروري، أن تقوم الدول الأعضاء بمراجعة سياساتها الداخلية والخارجية والتركيز على تعاونها الاقتصادي والاجتماعي لتمكين مؤسساتها الاقتصادية من الاستجابة للظروف الجديدة التي فرضتها الأزمة المالية العالمية. وأشير إلى أن هدف رفع حجم التجارة البينية بين الدول الأعضاء يسير بوتيرة مرضية، إذ ارتفع من نسبة 14.5% التي سجلت عام 2005 إلى قرابة 17% في عام 2008. ومن ناحية أخرى ارتفع عدد الدول التي وقعت على الاتفاقية الإطار بشأن نظام الأفضلية التجارية الآن إلى 31 دولة بينما صادقت عليها اثنتان وعشرون دولة. ويطيب لي أن أنوه بالجهود الكبيرة التي تقوم بها لجنة الكومسيك في هذا الصدد، وما يقوم به البنك الإسلامي للتنمية، والمركز الإسلامي لتنمية التجارة، والغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة، من جهود مشكورة تدفع عجلة التقدم والتطوير في الدول الأعضاء. وعلى صعيد آخر، دخل برنامج تطوير صناعة القطن التابع للمنظمة في مرحلة التنفيذ برعاية من الجمهورية التركية، وقد نظمت الأمانة العامة بتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية، الاجتماع الأول للجنة مشروع خطوط الربط السككي بين داكار وبورسودان. ومن ناحية أخرى، كان عقد المؤتمر الوزاري الثاني للوزراء المعنيين بشؤون المرأة حدثاً بارزاً في مسلسل تطوير دور المرأة في المجتمعات الإسلامية، حيث تبنى "خطة عمل منظمة المؤتمر الإسلامي للنهوض بالمرأة: المسماة "بخطة عمل القاهرة". كما شهد مجمع الفقه الإسلامي الدولي تقدماً كبيراً في أعماله ومنجزاته، خصوصا في مجال التقارب بين مختلف المذاهب الفقهية والطوائف الدينية. وقد حالف الحظ المنظمة في إصلاح وتطوير عدد من أجهزتها، ولكنه تعثّر في إصلاح أحد أهم أجهزتها وأقدمها ألا وهو صندوق التضامن الإسلامي، لأسباب غير موضوعية، وبات من الضروري إعادة النظر من جديد في طرق عمله وتسييره وإصلاحه، ليواكب الإصلاحات التي نجحنا في إدخالها على المنظمات الأخرى. أما في مجال العلوم والتكنولوجيا، فقد تم استكمال خطة العمل الخاصة بمشروع بناء السيارات والطائرات، بدعم مالي من البنك الإسلامي للتنمية، وكذلك خطة دعم النقل السلمي للتكنولوجيا. كما أحدثت الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة رأسمال مشتـرك للعـلوم والتكنولوجيا، يضـاف إلى ما رصده البنك الإسلامي للتنمية لمشاريع العلوم والتكنولوجيا. أما في مجال التعليم، فإنه مما يؤسف له أن تقرير المنظمة بشأن تصنيف الجامعات لم ينشر بعد بسبب نقص المعلومات والمعطيات التي وصلتنا من الدول الأعضاء، رغم إلحاحي على ذلك. وأودّ أن أجدد ندائي للدول لإفادتنا بالمعلومات المطلوبة. حضرات السيدات والسادة، تنتهي ولاية الأمناء العامين المساعدين الحاليين في 30 يونيو/حزيران 2009. وقد سبق أن بعثت الأمانة العامة إلى الدول بمذكرة دورية، وطلبَتْ منها التفضل بإرسال مرشحيها لهذه المناصب التي ستشغر. وقد وصلتنا أسماء عدد من المرشحين أبلغناها للدول الأعضاء. وطبقاً لنص الميثاق الجديد شرعت في اتصالات مع المجموعات الجغرافية، وسأستمر في هذه الاتصالات ثم سأقدم تقريرا بهذا الشأن للسادة الوزراء لاتخاذ القرار النهائي بشأنهم. وأريد أن أبلغكم في الختام أن عدد الدول التي وقعت حتى الآن على الميثاق بلغ ثلاثين دولة، وصادقت عليه تسع دول. وأود في هذه المناسبة أن أهيب بالدول التي لم توقع أو لم تصادق على الميثاق التفضل بعمل ذلك في أقرب فرصة. ويطيب لي في هذا الصدد الترحيب بالدول التي ستوقع على الميثاق أثناء هذه الدورة، هي: الجمهورية العربية السورية، والمملكة الأردنية الهاشمية، والجمهورية الإسلامية الموريتانية، والجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، وجمهورية طاجيكستان. وختاما، يطيب لي أن أذكّر بأن هذا العام 2009 يصادف الذكرى الأربعين لإنشاء منظمتنا، وتعتزم الأمانة العامة الاحتفال بهذه الذكرى. وقد أعرب السادة وزراء الإعلام عن دعمهم لهذه الاحتفالية. وسنعمل على إصدار فيلم وثائقي يرصد أبرز المحطات التاريخية للمنظمة وأهم الإنجازات التي تم تحقيقها على درب العمل الإسلامي المشترك. وإنني أتوجه إلى الدول الأعضاء لمَدِّنا بما يتوفر لديها من المواد الوثائقية المرئية والمسموعة والمكتوبة عن المنظمة أو فعالياتها، وذلك للاستعانة بها في إنتاج الفيلم الوثائقي المذكور. وإذ تدخل المنظمة العقد الخامس من حياتها وقد شقت طريقها نحو العالمية، وأصبحت مخاطباً لا يستغنى عنه في كبريات المحافل الدولية المؤثرة، فإننا نتفاءل خيرا بأننا – بفضل توجيهاتكم ومؤازرتكم – نسير بهذه المنظمة على طريق واعد لتأصيل العمل الإسلامي المشترك المؤدي إلى وحدة الصف والكلمة والموقف، وهذا هو سلاحنا الفعّال في غمار المتغيرات الدولية الراهنة، لنضمن للعالم الإسلامي موقعاً مشرفا في مصاف الدول، ونرسي له قواعد التطور والرقيّ والمنعة كعالمَ فاعل مؤثر. ونرجو أن يخطو بنا اجتماعكم هذا شوطاً بعيدا لتحقيق هذا الهدف الأسمى. داعيا لكم بالسداد والتوفيق في مداولاتكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بيانات أخرى

No press releases assigned to this case yet.

مؤتمر بالفيديو لبحث آثار جائحة كورونا على جامعات منظمة التعاون الإسلامي


صندوق التضامن الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي يسلم الدفعة الأولى من الدول الأعضاء الأقل نموا منحة مالية عاجلة لمواجهة تداعيات كورونا


العثيمين: وكالات الأنباء في دول "التعاون الإسلامي" تدحض الأخبار الزائفة في جائحة كورونا


مواصلة لجهود المنظمة في مواجهة جائحة كورونا المستجد صندوق التضامن الإسلامي يشرع في إجراءات تقديم منحة مالية عاجلة للدول الأعضاء الأقل نموا


البيان الختامي للاجتماع الطارئ الافتراضي للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي المعقود على مستوى وزراء الخارجية حول الآثار المترتبة عن جائحة مرض كورونا المستجد (كوفيد-19) والاستجابة المشتركة لها


وزراء خارجية اللجنة التنفيذية: تعزيز الإجراءات الوطنية لدول "التعاون الإسلامي" للتخفيف من وطأة تداعيات وباء كورونا المستجد


مجمع الفقه التابع لمنظمة التعاون الإسلامي يصدر توصيات ندوة "فيروس كورونا المستجد وما يتعلق به من معالجات طبية وأحكام شرعية"


منظمة التعاون الإسلامي ترفض استهداف المسلمين من طرف بعض الأوساط في الهند في ظل ازمة جائحة كورونا


العثيمين يدعو إلى اللجوء لأحكام فقه النوازل وحفظ النفس في محاربة وباء كورونا المستجد


العثيمين يخاطب ندوة مجمع الفقه الإسلامي الدولي حول الأحكام المتعلقة بانتشار جائحة كورونا


البيان الصادر عن الاجتماع الطارئ للجنة التوجيهية لمنظمة التعاون الإسلامي المعنية بالصحة بشأن جائحة كورونا


العثيمين يدعو الاجتماع الافتراضي بشأن كورونا المستجد للعمل الجماعي في مواجهة الجائحة


كتاب اليوبيل الذهبي لمنظمة التعاون الإسلامي

المؤتمر الدولي للعلماء المسلمين حول السلم والأمن في أفغانستان