منظمة التعاون الإسلامي
الصوت الجامع للعالم الإسلامي

كلمة الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أمام اجتماع كبار الموظفين التحضيري للدورة السادسة والثلاثين لمجلس وزراء الخارجية

التاريخ: 04/05/2009

جدة – المملكة العربية السعودية 9 - 11 جماد الأول 1430 هـ 4 - 6 مايو 2009م السيد الرئيس، أصحاب السعادة رؤساء الوفود ، حضرت السيدات والسادة، يسعدني أن أرحب بكم، ونحن نشرع في افتتاح هذا الاجتماع التحضيري لكبار الموظفين، الذي يمهد لعقد الدورة السادسة والثلاثين لمجلس وزراء الخارجية الذي سيعقد في وقت لاحق من هذا الشهر في مدينة دمشق. ويطيب لي في مستهل حديثي إليكم أن أشكر حكومة وشعب أوغندا، رئيسة الدورة السابقة لمجلس وزراء الخارجية على كل ما بذلته على مدى عام كامل من جهود مخلصة للاضطلاع بمسؤولية رئاسة المجلس الوزاري وعلى ما قامت به من مساهمات إيجابية في تعزيز العمل الإسلامي المشترك. وأتوجه بالشكر والعرفان للجمهورية العربية السورية لكريم تفضلها باستضافة الدورة السادسة والثلاثين لمجلس وزراء الخارجية، وعلى الجهود التي تقوم بها لتيسير أعمال المجلس الوزاري، والوصول إلى أفضل النتائج المتوخاة من هذا الاجتماع. حضرات السيدات والسادة، لما كانت هذه هي المرة الأولى التي نجتمع فيها بعد شروعي في بداية ولايتي الثانية كأمين عام للمنظمة، إثر تجديد انتخابي بالإجماع في قمة داكار عام 2008، فإنه يطيب لي أن أعرب لكم عمّا أشعر به من كبير شرف لمواصلتي العمل في هذا المنصب الهام، متوخيا خدمة الأمة الإسلامية، وعلو شأنها، وتقدمها، بكل ما لدي من جهد، ومدركا في الوقت ذاته عبء المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقنا للقيام بواجبنا خير قيام. فواقع الأمة الإسلامية اليوم؛ واقع يحتّم علينا تضافر الجهود، وتكاتف الأيدي لمواجهة تحديات كأداء في مجالات متعددة، عليها يتوقف مصير هذه الأمة، ومكانتها في العالم. ومما يبعث على الثقة والاطمئنان أن السنوات الأربع المنصرمة، كانت محكّاً لقدرتنا على الإنجاز والتقدم والتطور، وإسماع صوتنا إلى العالم. وقد تمكنا خلال هذه المدة، بتوفيق من الله، وبفضل كريم مساندتكم وتعاونكم وتآزركم، وبالمثابرة والجَلَد، من تطوير هذه المنظمة بشكل عملي وفعّال، فكانت أفعالنا تتكلم عنّا، وأصبح جهدنا مقدّرا في الداخل، وصوتنا محترماً مسموعاً في الخارج. وقد حققنا بذلك نقلة نوعية، ارتقت بالمنظمة من منظمة قاصرة على تنظيم المؤتمرات لتدبيج التوصيات، إلى منظمة تفاعلية، متعددة الصلات والروابط مع المنظمات الدولية والجهوية المؤثرة ومع الحكومات، ومؤسسات المجتمع المدني. وإذ أتطلع إلى المستقبل فإنني أرى أنه ما زال أمامنا شوط طويل، ينبغي أن يبقى زاخرا بالعمل المجدي والمنجزات الحقيقية، لأن دور العالم الإسلامي في غمار الحراك الدولي الدائب، يتطلب المزيد من الجهد واليقظة والتقدّم والمثابرة. وهذا ما أعقد عليه العزم، إن شاء الله، مستنيراً بآرائكم وتوجيهاتكم، وبدعمكم ومساندتكم، وآخذا بالاعتبار المنظور الجديد للميثاق، والوعي بالمسؤولية الجسيمة لتطبيق بنوده بكل تصميم، مع استمرارنا الدائم في تطبيق برنامج العمل العشري الذي نعتبره قاطرة التوجهات الجديدة للعمل الإسلامي المشترك. وقد نجح البرنامج العشري في وضع تصوّر لعالم إسلامي موحّد الكلمة متضامن ومتكافل، وقادر على مواجهة التحديات السالفة الذكر، والخروج من حالة الإحباط التي رانت علينا. وقد بدأنا في تطبيق ما ورد في هذا البرنامج حيث قامت الأمانة العامة من جانبها بتنفيذ جلّ ما طلب منها من أعمال مؤسساتية كتعديل الميثاق، وإجراء إصلاحات جوهرية على عدد من مؤسسات المنظمة في وطليعتها مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ووكالة الأنباء الإسلامية الدولية، ووضع مشروع لخلق هيأة مستقلة لحقوق الإنسان في العالم الإسلامي، وقمنا كذلك بتقوية ودعم المؤسسات الاقتصادية العاملة في مجال العمل الإسلامي المشترك، وتحفيز التعليم الجيّد، والاهتمام بوضع مبادرات لأعمال مشتركة في مجال العلوم والتكنولوجيا، وغير ذلك، بما سيأتي تفصيله لاحقاً. ولكن مما يؤسف له أن وتيرة التقدم في تنفيذ مقتضيات برنامج العمل العشري على مستوى الدول الأعضاء ما زالت بطيئة، حيث يلاحظ أن البعض لا يولي هذا البرنامج الاهتمام الذي يستحقه. ويطيب لي في هذه المناسبة أن أجدّد رجائي للدول الأعضاء أن تبدي اهتماما أكبر وعزيمة أقوى لتنفيذ ما قرره رؤساء دولنا في قمة مكة، باعتبار أن هذا البرنامج هو الطريق الموصل إلى الوحدة والمنعة. أصحاب السعادة، السيدات والسادة، ما زالت كبريات القضايا التي تنوء بثقلها على العالم الإسلامي، على حالها، ولا تبرح مكانها. ففيما يتعلق بفلسطين، شهدت القضية الفلسطينية تطورات بالغة الأهمية تمثلت في زيادة وتيرة الاعتداءات التي يتعرض لها المواطنون الفلسطينيون من جراء الممارسات الإسرائيلية من قتل واعتقالات وبناء المستوطنات على الأراضي المحتلة، وهدم البيوت وعزل المدن عن بعضها. كما تتعرض مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك لحملة شرسة غير مسبوقة تهدف إلى تهويدها وطمس هويتها العربية الإسلامية كلية، ويتجلى هذا في الاعتداءات التي يتعرض لها الحرم القدسي الشريف من خلال تنفيذ الحفريات تحت أساساته وبناء الكنس أسفله وفي محيطه، وقيام المتطرفين الإسرائيليين بانتهاك حرماته بشكل متكرر تحت حماية قوات الاحتلال، وكذلك إقدام إسرائيل على توسيع نطاق اعتداءاتها لتشمل هدم أحياء فلسطينية بالكامل وطرد سكانها منها. لقد أخذت الاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس تسير وفقاً لمنهج إسرائيلي مدروس لا يؤدي استمراره إلا إلى نتيجة واحدة وهي ضياع هذه المدينة المباركة. والدول الأعضاء مدعوة اليوم بإلحاح وبأكثر من أي وقت مضى كي تسارع إلى دعم صمود المدينة المقدسة وأهلها ومؤسساتها. أما المحنة الإنسانية في قطاع غزة فإنها تستوجب جهدا إسلاميا للتصدي لها. فقد زرت غزة مؤخراً واطلعت على الوضع الإنساني ووقفت على حجم الدمار الذي أصاب هذا القطاع. وقد التقيت بجموع اللاجئين، وشهدت آثار العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي تجاوز كل حدود فظاعة الحروب وويلاتها، والذي انطوى على جرائم حرب مشهودة، وجرائم ضد الإنسانية، وممارسات وحشيّة تعمّدت قتل الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين الأبرياء، واستعمال الأسلحة المحرمة دولياً. وبات من واجبنا الآن أن تتضافر جهودنا لمحاكمة مقترفي هذه الجرائم أمام المحاكم الدولية المختصة، والإسراع في بدء إعمار القطاع، ورفع الضائقة والمعاناة عن إخواننا هناك. وإنه لمما يؤسف له غاية الأسف تفرق الصف الفلسطيني الذي أضعف التعاطف الدولي مع الفلسطينيين، في وقت هم في أمس الحاجة لتوحيد الكلمة والجهود، أمام التطورات السياسية الأخيرة في إسرائيل وقيام حكومة متطرفة هناك. وإنني إذ أناشد الإخوة في فلسطين بضرورة إيجاد حلّ لهذا الخلاف الداخلي، فإنني أثمِّن الجهود الحميدة التي تقوم بها جمهورية مصر العربية لرأب الصدع في البيت الفلسطيني، والعمل على وحدة الفصائل والأطراف الفلسطينية. ولقد تتبعنا بكثير من الارتياح تطورات الشأن العراقي، والتوقعات الخاصة بجلاء القوات الأجنبية عن أراضيه. كما سرّنا التحسن المضطرد في الأوضاع الأمنية هناك، ورسوخ التجربة الديمقراطية، وما ينجم عن ذلك من تقدم في تثبيت الوحدة الوطنية العراقية، ووحدة أراضي العراق، وصولاً إلى استعادة العراق لكامل سيادته على كل أراضيه، واستقلاله الناجز. وكانت منظمة المؤتمر الإسلامي من أولى المنظمات التي سعت لخلق تواصل مستمر مع السلطة العراقية في بغداد، عن طريق الزيارات وتعيين سفير لها في العراق، والمساعدة في إخماد الاقتتال الطائفي والديني عن طريق نجاحها في إقناع كبار المرجعيات الدينية في العراق للتوقيع في مكة المكرمة على "وثيقة مكة" التي تحرم وتجرم قتل المسلمين، إضافة إلى جهودها في مناهضة أفكار تكفير المسلمين، وترسيخ واقع الاعتراف بشرعية وإسلاميّة المذاهب الإسلامية الثمانية، وتنزيهها عن الكفر أو خروجها عن حظيرة الإسلام. وقد قمت مؤخرا بزيارة العراق للقاء المسؤولين فيه، مصطحبا وفدا كبيرا ضم مؤسسات المنظمة المختلفة الاقتصادية والفكرية، ومنها البنك الإسلامي للتنمية، لننظر في المساهمة في مشاريع الإعمار والتنمية هناك، وقد رصد البنك الإسلامي لهذا الغرض مبلغ 500 مليون دولار. أما في الصومال، فقد شهدت أحواله نوعاً من التحسن النسبي على المستوى السياسي خلال العام الماضي، إثر إطلاق مسار عملية الأمم المتحدة لإحلال السلام في الصومال برعاية دولة جيبوتي. وقد نجم عن هذا المسار السلمي انتخاب الرئيس شيخ شريف، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وقد ساهمت منظمة المؤتمر الإسلامي، بوصفها عضوا مراقبا في اتفاقية جيبوتي للسلام، في كل هذه الجهود بكيفية فعالة. وأرى أن من واجبي أن أناشد كل الدول الأعضاء المساهمة في الجهود الرامية إلى بناء السلم بما في ذلك تقديم الدعم المالي لإعمار الصومال. ويستأثر الوضع في السودان باهتمام المنظمة البالغ، حيث لم تفلح كل الجهود الدولية المبذولة في إحراز تقدم في مسار مفاوضات دار فور للسلام. وقد قمت بزيارة إلى السودان في الآونة الأخيرة، حيث قابلت عدداً من المسؤولين وعلى رأسهم فخامة الرئيس عمر حسن البشير. وقد أبلغت فخامته أن المنظمة ترفض قرار محكمة الجزاء الدولية، وازدواجية معاييرها، وتعلن تضامنها مع موقف الحكومة السودانية. ولكنني طالبت في الوقت ذاته، بأن يقوم القضاء السوداني، بكل ما تتطلبه العدالة، من محاكمة المتورطين في أعمال إجرامية في دار فور حتى يشعر الرأي العام الدولي بجدية تعامل الحكومة السودانية مع الوضع الإنساني هناك. وقد عقدت اللجنة التنفيذية الوزارية التابعة للمنظمة اجتماعاً على مستوى المندوبين الدائمين للدول الأعضاء في نيويورك في 27 مارس الماضي لنصرة السودان، حيث أعلنت رفضها لقرار المحكمة، وأكدت احترامها الكامل لسيادة السودان واحترام حصانة رؤساء الدول، وطالبت مجلس الأمن بتعليق طلب محكمة الجزاء تعليقاً نهائياً. كما أوفدنا بعثتين شارك فيهما عدد من مؤسسات المنظمة لتقييم الوضع الإنساني هناك. أما عن الوضع في أفغانستان، فالمنظمة ترى أن هذا البلد الشقيق يقف على مفترق طرق حاسم، حيث تجابهه تحديات للسلم والأمن والاستقرار. وقد كانت المنظمة نشطة في نطاق دعم جهود كثير من الدول الأعضاء في المجموعة الدولية ترمي إلى الوصول إلى سلم شامل في أفغانستان. وقمت في هذا الصدد بحضور مؤتمر خاص بأفغانستان عقد في موسكو، حيث خاطبت هذا المؤتمر، كما شاركت المنظمة في مؤتمر دولي بشأن أفغانستان عقد في مدينة لاهاي. ولم تغفل المنظمة قضايا التطوير وإعادة الإعمار والبناء في أفغانستان حيث توليها اهتمامها المتواصل. وأهيب في هذا الصدد بالدول الأعضاء المساهَمَة الفعالة والجادة في هذا المجال. وفي قضية جامو وكشمير، ما زال الواقع المتوتر هناك لا يبرح مكانه، أمام عدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن وضعها. وقد قام مبعوثي الخاص إلى جامو وكشمير بزيارة إلى كل من إسلام أباد ومظفّر أباد لبحث تطورات الحالة. وقد استبشرنا خيرا بالمناخ الجديد الذي ساد في قبرص بين الطائفتين التركية واليونانية في الآونة الأخيرة، ونأمل أن يؤدي هذا الانفتاح الجديد إلى نتائج تفضي إلى تسهيل عملية الوصول إلى حلّ عادل لهذه الأزمة على أساس التكافؤ. كما نرحب بالاتصالات المختلفة التي جرت بين كثير من الدول الأعضاء وممثلي القبارصة الأتراك، والتي تستهدف فك العزلة عن الجانب التركي. وما زلنا نناصر أذربيجان ضد الاحتلال غير المشروع من طرف أرمينيا لمنطقتي ناغورنو كاراباخ، ونطالب بتطبيق قرارات مجلس الأمن في هذا الصدد. وقد بادرنا في حينه برفض ما سمّي بالانتخابات الرئاسية التي جرت في هذه الأراضي المحتلة، واعتبرنا ذلك انتهاكاً خطيرا لمباديء القانون الدولي. وأود أن أخصّ بالذكر الوضع في اتحاد القمر، حيث الوضع التنموي والاجتماعي هناك يثير قلقنا واهتمامنا. وقد سبق أن ناشدت الدول الأعضاء التفضل بمساعدة هذا البلد العضو بشكل عاجل لمساعدتها على مواجهة هذه المشاكل، عن طريق تقديم مساعدات فنية ومالية للتخفيف من وطأة الأوضاع السيئة هناك. حضرات السادة المندوبين، حضرات السيدات والسادة، ما زالت الحملة ضد الإسلام مستعرة، حيث يتواصل الهجوم المغرض المعادي للإسلام والمسلمين بوتيرة متزايدة، وحيث بدأت عدوى هذه الآفة تتسرب تدريجيا إلى بعض المؤسسات الرسمية بعد انتشارها في بعض مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وغيرها. وقد بذلنا، وما زلنا نبذل، الكثير من الجهود على مستويات متعددة ومتنوعة لإيقاظ الوعي لمناهضة ظاهرة الإسلاموفوبيا في أنحاء شتى من العالم، وفي العالم الغربي على وجه الخصوص، ويقوم مرصد المنظمة الخاص لظاهرة الإسلاموفوبيا بدور فعّال في هذا الشأن، وسيوزع تقريره السنوي الثاني عليكم قريبا. كما عقدنا العديد من الاجتماعات والمؤتمرات، وتحاورنا مع المسؤولين في المنظمات الدولية والجهوية، وشاركنا في الكثير من المؤتمرات المتخصصة في هذا الميدان، ودعمنا المؤسسات التي تنادي بالحوار بين الحضارات والديانات. ووقعنا لهذا الغرض اتفاقيات ثنائية لعل أهمها مذكرة تفاهم مع مبادرة اتحاد الحضارات التي تحظى بدعم الأمم المتحدة لتعزيز فرص التعاون معها، وقمنا بأنشطة مماثلة مع جمهورية كازاخستان، وماليزيا والنمسا حيث عقدنا مائدة مستديرة مع منظمة مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وغير ذلك. ونظمنا جلسة خاصة في مقر الأمم المتحدة في جنيف للاحتفال بالذكرى الستين لصدور التصريح العالمي لحقوق الإنسان، كما ساهمنا في أشغال منتدى "القيم العالمية المشتركة" في جنيف، وقمنا بدور فعّال في مؤتمر ديربان الثاني لمناهضة العنصرية الذي عقد مؤخرا في جنيف، حيث حاز عملنا ومواقفنا على ارتياح الوفود وتقديرها لرجاحة الآراء التي طرحناها وكان لها وقع حسن سهّل عملية التواصل إلى اتفاق بشأنها. وفي هذا المجال كان تحرك مرصد المنظمة ضد حملة الإسلاموفوبيا فعالا، حين رصد اللعبة الالكترونية المسماة (صراع الأديان) Faith fighter على أحد المواقع الالكترونية الذي يصور حربا مزعومة للنبي محمد عليه السلام، والسيد المسيح. وكان تدخلنا فوريّاً لشجب ومنع هذه اللعبة، وتمكنا بفضل الله من إقناع أصحاب الموقع المذكور بسحب هذه اللعبة من التداول. ونستطيع القول إن هذه الجهود المكثفة قد بدأت تؤتي ثمارها، حيث أصبح الكثيرون في المجموعة الدولية يدركون خطورة تداعيات هذه الظاهرة على قضايا الأمن والاستقرار في العالم. ومع ذلك، فإننا بحاجة إلى مزيد من الجهود المتواصلة للتعامل مع هذا الوضع بشكل حاسم، وما زلنا بحاجة ماسة إلى دعمكم ومساندتكم خصوصاً في مجال توحيد المواقف في التصويت على القرارات والتوصيات الجماعية في أماكن اتخاذ القرارات الدولية. وفي مجال استكمال تطبيق مقتضيات ما ورد في برنامج العمل العشري وفي ميثاق المنظمة الجديد في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية والحكم الرشيد، أعدت المنظمة بالتعاون مع فريق خاص من خبراء الدول الأعضاء دراسة لإنشاء "هيأة مستقلة ودائمة" لحقوق الإنسان لتكون جهازا من أجهزة المنظمة طبقاً لنص الميثاق. ولدى استكمال هذه الدراسة طُرحت هذه المسودة على اجتماع رسمي لفريق الخبراء الحكوميين من الدول الأعضاء لدراسة هذه المسودة، بما في ذلك مسودة للنظام الأساسي للهيأة. وقد اجتمع هذا الفريق الرسمي للخبراء في مدينة جدة يومي 12 و 13 أبريل 2009 حيث تدارس الوثيقة ومسودة النظام الأساسي للهيأة، وتمكن فريق من كبار الموظفين من اعتماد جلّ مواده، باستثناء بعض المواد التي بقيت معلقة والتي سترفع إلى أنظار مجلس الوزراء. وبهذا تخطو المنظمة خطوة جديدة إيجابية في مجال حيوي يستأثر باهتمام المجموعة الدولية، وتعتبر نقطة تحول مفصلية في مجال تعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في الدول الأعضاء. حضرات المندوبين، سيداتي وسادتي، وفي مجال قضايا المجتمعات والأقليات المسلمة خارج نطاق دول المنظمة الأعضاء، خصصت منذ اليوم الأوّل من اضطلاعي بمهمتي كأمين عام للمنظمة جزءاًَ كبيراً من الوقت والجهد من أجل توثيق العلاقات بين هذه المجتمعات والأقليات، المسلمة ودول منظمة المؤتمر الإسلامي، حيث تمثل المجتمعات المسلمة خارج نطاق الدول الأعضاء ثلث عدد المسلمين في العالم، ويُقدر عددها ب 500 مليون نسمة، يزداد عددهم باضطراد كل عام. وقد قمت بالعديد من المبادرات لصالح حل قضاياها في كلٍ من الفلبين وميانمار وتايلاند وتراقيا الغربية ومنطقة القوقاز وغيرها. كما خصصت لقضاياها حيزاً بارزاً في التقارير المفصلة التي قدمتها للمؤتمرات الإسلامية على مستوى القمة أو المستوى الوزاري. واحتلت قضايا النزاعات وتطوير التعليم ومكافحة الفقر والأمية في أوساط المجتمعات المسلمة حيزاً كبيراً فيها. وأوفدت خلال السنوات الماضية مبعوثين إلى عدد من بلدان الجماعات والمجتمعات المسلمة، للإطلاع عن كثب على أحوال المسلمين المختلفة وللتواصل معهم والوقوف على احتياجاتهم. كما عينت مبعوثاً خاصاً للسلام في جنوب الفلبين من أجل الإسهام في إيجاد حل لقضايا المسلمين في جنوب الفلبين. ويمكن القول بأن جهودنا في الفلبين حققت بعض النجاح غير أننا مطالبون بالاستمرار في متابعة هذه الجهود لإقناع كل من حكومة الفلبين والجبهة الوطنية لتحرير مورو بتنفيذ اتفاقية السلام لعام 1996 تنفيذاً كاملاً. أما في مجال الإعلام، فإننا واعون بالأهمية الاستراتيجية للتواصل مع الإعلام. وهو ما تجلى خلال الدورة الثامنة لمؤتمر وزراء الإعلام التي استضافتها المملكة المغربية في يناير الماضي، والتي أكدت الحاجة إلى التفاعل مع الإعلام، وبخاصة في الغرب، باللغات التي يفهمها. لقد شهدت دولنا في السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً بالإعلام تجاه الخارج، في مختلف تجلّياته، المكتوب والسمعي البصري والإلكتروني، ولكننا ما زلنا في حاجة إلى منهجية واضحة وتنسيق ودعم في هذا المجال. وإنني أجدد من هذا المنبر دعوتي إلى رجال الأعمال في العالم الإسلامي إلى مزيد الاهتمام بالمجال الإعلامي والاستثمار فيه، فهو مكسب مادي مضمون، عدا عن أنه تقوية لجانب المسلمين في هذا الزمن الذي يستوجب منّا رصّ الصفوف وتوحيد الكلمة لدرء الأخطار المحدقة. وبحمد الله، فقد قطعت عملية تطوير منظومتنا الإعلامية تقدماً حاسما. إذ تم اعتماد إعادة هيكلة وكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا) في ضوء الدراسة الشاملة التي مثّلت القاعدة لذلك، كما تم اعتماد القواعد والأنظمة المالية ونظام الموظفين. كما وافق وزراء الإعلام في دورتهم الثامنة، على الخطة الإستراتيجية الجديدة لاتحاد الإذاعات الإسلامية وعلى الهيكل التنظيمي الجديد للاتحاد. حضرات السادة المندوبين، السيدات والسادة، لا شك أنكم تعرفون أن الاجتماع الوزاري القادم في دمشق سيطرح عليه موضوع تعيين الأمناء العامين المساعدين، لأن ولاية الأمناء المساعدين الحاليين تنتهي في 30 يونيو/حزيران 2009. وقد سبق أن بعثت الأمانة العامة إلى الدول بمذكرة دورية، وطلبت منها التفضل بإرسال مرشيحها لهذه المناصب التي ستشغر. وقد وصلتنا أسماء عدد من المرشحين وأبلغناها للدول الأعضاء. وطبقاً لنص الميثاق الجديد فقد بدأت الاتصالات مع المجموعات الجغرافية، وسأستمر في هذه الاتصالات إلى حين اجتماع مجلس وزراء الخارجية، حيث سأقدم تقريرا بهذا الشأن للسادة الوزراء لاتخاذ القرار النهائي بشأنهم. وأرجو في هذا المقام أن أثير الانتباه إلى موضوع يتعلق بأهمية الالتزام بشروط العضوية كتوقيع الميثاق الجديد، والمصادقة عليه وعلى الاتفاقات الاقتصادية والالتزام بالوفاء بالمساهمات المالية وغير ذلك. وهذه شروط لابد من استيفائها قبل أن يكون للدولة الحق في استضافة اجتماعات المنظمة أو غيره من الامتيازات على سبيل المثال. وإلا فإنه سيكون من الصعب منحها الامتيازات التي تعطي للدول الأعضاء المستكملة لشروط العضوية. وفي هذا تعزيز للمنظمة ولدورها داخليا وخارجيا وخدمة كبرى لمصالح العالم الإسلامي الذي يحتاج اليوم إلى تضامن فعّال إزاء التحديات الكبرى التي تواجهه. وينبغي في هذا المجال الحرص أيضا على تطبيق بنود البرنامج العشري الذي هو سبيلنا لوحدة الصف، والتضامن في العمل، والنهوض بمصالح الأمة وإعلاء شأنها. يصادف هذا العام 2009 الذكرى الأربعين لإنشاء منظمتنا. وقد أعرب السادة وزراء الإعلام عن دعمهم للاحتفالية بهذه الذكرى. وفي هذا الإطار، فإننا نعمل على إصدار فيلم وثائقي يرصد أبرز المحطات التاريخية للمنظمة وأهم الإنجازات التي تم تحقيقها على درب العمل الإسلامي المشترك. وإنني من خلالكم أتوجه إلى الدول الأعضاء لمَدِّنا بما يتوفر لديها من المواد الوثائقية المرئية والمسموعة والمكتوبة التي تتعلق بالمنظمة أو بفعالياتها، وذلك للاستعانة بها في إنتاج الفيلم الوثائقي المذكور. وإنني على يقين، في الختام، من أنكم ستتمكنون في غضون الأيام الثلاث القادمة من تدارس معظم القضايا الموجودة على جدول أعمال المجلس الوزاري وتمهيد السبيل لاتخاذ القرارات الصائبة بشأنها، راجيا لكم في ذلك كل التوفيق والنجاح. راجيا لمداولاتكم في الختام السداد والتوفيق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بيانات أخرى

No press releases assigned to this case yet.

مؤتمر بالفيديو لبحث آثار جائحة كورونا على جامعات منظمة التعاون الإسلامي


صندوق التضامن الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي يسلم الدفعة الأولى من الدول الأعضاء الأقل نموا منحة مالية عاجلة لمواجهة تداعيات كورونا


العثيمين: وكالات الأنباء في دول "التعاون الإسلامي" تدحض الأخبار الزائفة في جائحة كورونا


مواصلة لجهود المنظمة في مواجهة جائحة كورونا المستجد صندوق التضامن الإسلامي يشرع في إجراءات تقديم منحة مالية عاجلة للدول الأعضاء الأقل نموا


البيان الختامي للاجتماع الطارئ الافتراضي للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي المعقود على مستوى وزراء الخارجية حول الآثار المترتبة عن جائحة مرض كورونا المستجد (كوفيد-19) والاستجابة المشتركة لها


وزراء خارجية اللجنة التنفيذية: تعزيز الإجراءات الوطنية لدول "التعاون الإسلامي" للتخفيف من وطأة تداعيات وباء كورونا المستجد


مجمع الفقه التابع لمنظمة التعاون الإسلامي يصدر توصيات ندوة "فيروس كورونا المستجد وما يتعلق به من معالجات طبية وأحكام شرعية"


منظمة التعاون الإسلامي ترفض استهداف المسلمين من طرف بعض الأوساط في الهند في ظل ازمة جائحة كورونا


العثيمين يدعو إلى اللجوء لأحكام فقه النوازل وحفظ النفس في محاربة وباء كورونا المستجد


العثيمين يخاطب ندوة مجمع الفقه الإسلامي الدولي حول الأحكام المتعلقة بانتشار جائحة كورونا


البيان الصادر عن الاجتماع الطارئ للجنة التوجيهية لمنظمة التعاون الإسلامي المعنية بالصحة بشأن جائحة كورونا


العثيمين يدعو الاجتماع الافتراضي بشأن كورونا المستجد للعمل الجماعي في مواجهة الجائحة


كتاب اليوبيل الذهبي لمنظمة التعاون الإسلامي

المؤتمر الدولي للعلماء المسلمين حول السلم والأمن في أفغانستان