التاريخ: 22/04/2009
بسم الله الرحمن الرحيم جـدة – المملكة العربية السعودية 16 - 17 ربيع الثاني 1430هـ 12 - 13 أبريل 2009م حضرات أعضاء فريق الخبراء الحكوميين المحترمين حضرات السيدات والسادة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يطيب لي أن أرحب بكم في مقر الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي وأنتم تستهلون عملكم، بعون الله وتوفيقه، في موضوع من أهم المواضيع المطروحة على الساحة الإسلامية والعالمية، ألا وهو موضوع حقوق الإنسان. تجتمعون اليوم في نطاق تطبيق مقتضيات ميثاق المنظمة الذي أُقِرّ بالإجماع ودخل حيز التنفيذ في شهر مارس 2008، والتي تنص مادته الخامسة على وجود هيأة مستقلة ودائمة لحقوق الإنسان ضمن أجهزة المنظمة. كما يلتئم هذا الاجتماع في نطاق تطبيق نصوص برنامج العمل العشري الذي أقرته القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة الذي عقد في مكة المكرمة في شهر ديسمبر 2005 والذي ينص في باب "حقوق الإنسان والحكم الرشيد"، على ضرورة " السعي الحثيث إلى توسيع نطاق المشاركة السياسية، وضمان المساواة والحريات المدنية، والعدالة الاجتماعية، وتعزيز الشفافيّة، والمساءلة والقضاء على الفساد في دول منظمة المؤتمر الإسلامي". ودعا البرنامج كذلك إلى دراسة إمكانية إنشاء هيأة مستقلة دائمة لتعزيز حقوق الإنسان في الدول الأعضاء ..." وطالب بوضع ميثاق إسلامي لحقوق الإنسان وإجراء تعديلات على القوانين والأنظمة الوطنية لضمان احترام حقوق الإنسان في الدول الأعضاء". وتأتي هذه المقتضيات الجديدة لتؤصِّل اهتمام الدول الأعضاء بموضوع حقوق الإنسان، وترسيخ ثقافته، ليس باعتباره أحد الركائز الأساسية للحكم الرشيد الذي أصبح مطلباً أساسيا في الخطاب العالمي المعاصر فحسب؛ وإنما لمنطلقاته الإسلامية الأصيلة حيث كان الإسلام أول شريعة في العالم تدعو إلى المساواة الكاملة بين كل بني البشر بصرف النظر عن جنسهم ولغتهم وانتمائهم العرقي ومركزهم الاجتماعي وغير ذلك. وقد ارتبطت هذه المساواة بالحفاظ على الكرامة الإنسانية التي هي مفهوم يفوق مفهوم حقوق الإنسان بدرجات عديدة. فحقوق الإنسان وكرامته هما جزء أصيل من العقيدة الإسلامية وأحد مكونات الثقافة الإسلامية، والتراث الإسلامي. وقد سبق أن قامت منظمة المؤتمر الإسلامي بوضع وثيقة بشأن حقوق الإنسان في عام 1990 سميت بـ"إعلان القاهرة لحقوق الإنسان"، وتفرّع عن ذلك إنشاء فريق لمتابعة هذا الإعلان. وقام هذا الفريق بصياغة بعض عهود المنظمة في مجال حقوق الإنسان. ولكن تعاظم الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان في العقدين الماضيين، وتشعب مجالات هذه الحقوق، أدّيا إلى حتميّة تطوير ما جاء في الإعلان المذكور بما ينسجم مع الخطاب العالمي الراهن، مع الأخذ بعين الاعتبار القيم لإسلامية، وبما يفتح آفاقاً جديدة لمجال حقوق الإنسان في العالم الإسلامي. حضرات المندوبين الموقرين والخبراء المهتمين، لم يقتصر البرنامج العشري المشار إليه والميثاق الجديد على الدعوة لإنشاء هيأة لحقوق الإنسان في الإسلام، ولكنهما فتحا الباب أيضا إلى ميادين رحبة للإصلاح الفكري والسياسي في الدول الأعضاء. فقد دعيا هذه الدول إلى التعاون " لتعزيز قيم التسامح والحريات الأساسية، والحكم الرشيد، وسيادة القانون والمساءلة والانفتاح، والتفاهم مع الأديان والحضارات الأخرى، ونبذ الغلّو والتطرّف، وترسيخ الاعتزاز بالهوية الإسلامية، ووضع ميثاق إسلامي لحقوق الإنسان". واستنادا إلى ما سبق، فإن اجتماعكم هذا يدخل بالمنظمة وبالعالم الإسلامي إلى عهد جديد من ميادين حقوق الإنسان، والحريات الأساسية، والحكم الرشيد، مستلهما القيم الإسلامية النبيلة القائمة على العدل والكرامة والسلام والتراحم والتسامح. وللتمهيد الأوليّ لاجتماعكم اليوم، قامت الأمانة العامة بإعداد بعض الوثائق والتقارير التي تلقي الضوء على بعض جوانب إنشاء الهيئة الدائمة والمستقلة لحقوق الإنسان، بعد دراسات مستفيضة، واتصالات مع الهيئات الدولية المعنية بهذا الشأن، ومنها على وجه الخصوص مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ومعهد جنيف لحقوق الإنسان، ومجموعة منظمة المؤتمر الإسلامي لدى مكاتب الأمم المتحدة في جنيف. وكنتيجة لهذه الجهود، وضعت الإدارة القانونية في المنظمة، وثيقة تعطي تصورا مبدئيا لهذه اللجنة المزمع إنشاؤها. وقمنا إثر ذلك بعرض هذه الوثيقة على فريق غير رسمي من الخبراء والمختصين في هذا المجال، توخينا فيهم الخبرة والمهنية والدراية، دُعوا إلى اجتماع تشاوري لشحذ الأفكار يومي 15 و 16 فبراير لدراسة الوثيقة التي أعددناها. وقام فريق الخبراء غير الرسميين بمناقشة هذه الوثيقة وأدخلوا عليها ما تراءى لهم من تعديلات وإضافات وإعادة صياغة. وقد أُرسلت هذه الوثيقة المنقحة عبر تقرير الأمين العام رقم OIC/LEG/001600 بتاريخ 7 مارس 2009، لكل الدول الأعضاء لتدارسها، عبر اجتماع الخبراء هذا، توطئة لرفعها إلى اجتماع كبار الموظفين لدى استكمال دراستها، وهي الآن مطروحة على أنظاركم لإبداء آرائكم بشأنها. وتتضمن هذه الوثيقة عرضا شاملاً لمكونات هذه الهيأة، يتضمن وصفاً لطبيعتها، وتسميتها، ومبادئها، وأهدافها، ووظائفها، وأعضائها، وخبرائها وتوصياتها ونصابها القانوني، وغير ذلك. ولا ريب عندي في أنكم ستعكفون على دراستها بالعناية التي هي أهلٌ لها، باعتبارها فتحاً جديداً يستحق كل الاهتمام لملء فراغ فكري وسياسي وقانوني للعمل الإسلامي المشترك، بما يدعم مصداقيته وفعاليته، ويبدي وجهاً مشرقا لمنظمة المؤتمر الإسلامي وأجهزتها على النطاق الدولي. راجيا لمداولاتكم التوفيق والسداد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.